الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ثم أخذ عن يمينه مما يلي الباب وقد اضطبع رداءه قبل ذاك فيطوف بالبيت سبعة أشواط ) لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام استلم الحجر ثم أخذ عن يمينه مما يلي الباب فطاف سبعة أشواط } ( والاضطباع أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على كتفه الأيسر ) وهو سنة . وقد نقل ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام .

التالي السابق


( قوله ثم أخذ عن يمينه إلخ ) أما الأخذ عن اليمين ففي مسلم عن جابر { لما قدم عليه الصلاة والسلام مكة بدأ بالحجر فاستلمه ، ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا } وأما حديث الاضطباع ففي أبي داود عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت ، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى } سكت عنه أبو داود وحسنه غيره .

وأخرج هو والترمذي وابن ماجه عن يعلى بن أمية { طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطبعا ببرد أخضر } حسنه الترمذي وسمي اضطباعا افتعال من الضبع وهو العضد ، وأصله اضتباع لكن قد عرف أن تاء الافتعال تبدل طاء إذا وقعت [ ص: 452 ] إثر حرف إطباق ، وينبغي أن يضطبع قبل الشروع في الطواف بقليل ، ويجب حمل الرمل في حديث الجعرانة على فعل الصحابة بتقدير ذلك الجمع الذي قدمناه .

ويقول : إذا أخذ في الطواف عند محاذاة الملتزم وهو ما بين الحجر الأسود والباب من الكعبة { اللهم إليك مددت يدي ، وفيما عندك عظمت رغبتي ، فاقبل دعوتي ، وأقلني عثرتي وارحم تضرعي ، وجد لي بمغفرتك ، وأعذني من مضلات الفتن . اللهم إن لك علي حقوقا فتصدق بها علي وعند محاذاة الباب يقول اللهم هذا البيت بيتك ، وهذا الحرم حرمك ، وهذا الأمن أمنك ، وهذا مقام العائذ بك من النار . يعني نفسه إبراهيم عليه الصلاة والسلام أعوذ بك من النار فأعذني منها وإذا أتى الركن العراقي وهو الركن الذي من الباب إليه قال اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق وسوء المنقلب في المال والأهل والولد وإذا حازى الميزاب قال اللهم إني أسألك إيمانا لا يزول ، ويقينا لا ينفد ، ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم . اللهم أظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ، واسقني بكأس محمد صلى الله عليه وسلم شربة لا أظمأ بعدها أبدا وإذا حاذى الركن الشامي وهو الذي من العراقي إليه قال اللهم اجعله حجا مبرورا . وسعيا مشكورا . وذنبا مغفورا . وتجارة لن تبور ، يا عزيز يا غفور وإذا أتى الركن اليماني وهو الذي من الشامي إليه قال اللهم إني أعوذ بك من الكفر ، وأعوذ بك من الفقر ، وأعوذ بك من عذاب القبر . ومن فتنة المحيا والممات ، وأعوذ بك من الخزي في الدنيا والآخرة }

وأسند الواقدي في كتاب المغازي عن عبيد الله بن السائب المخزومي { أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والأسود : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } واعلم أنك إذا أردت أن تستوفي ما أثر من الأدعية والأذكار في الطواف كان وقوفك في أثناء الطواف أكثر من مشيك بكثير .

وإنما أثرت هذه في طواف فيه تأن ومهلة لا رمل ، ثم وقع لبعض السلف من الصحابة والتابعين أن قال في موطن كذا كذا ، ولآخر في آخر كذا ، ولآخر في نفس أحدهما شيئا آخر ، فجمع المتأخرون الكل لا أن الكل وقع في الأصل لواحد ، بل المعروف في الطواف مجرد ذكر الله تعالى ، ولم نعلم خبرا روي فيه قراءة القرآن في الطواف .

وروى ابن ماجه عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { من طاف بالبيت سبعا ، ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، محيت عنه عشر سيئات ، وكتبت له عشر حسنات ، ورفع له بها عشر درجات } وسنذكر فروعا تتعلق بالطواف نذكر فيها حكم قراءة القرآن




الخدمات العلمية