الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن لم يدخل القارن مكة وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف ) لأنه تعذر عليه أداؤها لأنه يصير بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج ، وذلك خلاف المشروع . ولا يصير رافضا بمجرد التوجه هو الصحيح من [ ص: 533 ] مذهب أبي حنيفة رحمه الله أيضا . والفرق له بينه وبين مصلي الظهر يوم الجمعة إذا توجه إليها أن الأمر هنالك بالتوجه متوجه بعد أداء الظهر ، والتوجه في القران والتمتع منهي عنه قبل أداء العمرة فافترقا . قال ( وسقط عنه دم القران ) لأنه لما ارتفضت العمرة لم يرتفق بأداء النسكين ( وعليه دم لرفض العمرة ) بعد الشروع فيها ( وعليه قضاؤها ) لصحة الشروع فيها فأشبه المحصر ، والله أعلم .

التالي السابق


( قوله فقد صار رافضا لعمرته ) أطلق فيه ، وفي كافي الحاكم قال محمد : لا يصير رافضا لعمرته حتى يقف بعرفة بعد الزوال ا هـ . وهو حق لأن ما قبله ليس وقتا للوقوف فحلوله بها كحلوله بغيرها ( قوله هو الصحيح ) احتراز عن رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يرفضها بمجرد التوجه لأنه من خصائص الحج فيرتفض به كما ترتفض الجمعة بعد الظهر بالتوجه إليها عنده ، والصحيح [ ص: 533 ] ظاهر الرواية .

والفرق أن إقامة ما هو من خصوصيات الشيء مقامه إنما هو عند كون ذلك الشيء مطلوبا مأمورا به ، وهنا القارن مأمور بضد الوقوف بعرفة قبل أفعال العمرة ، فهو مأمور بالرجوع ليرتب الأفعال على الوجه المشروع فلا يقام التوجه مقام نفس الوقوف لأنه على ذلك التقدير احتياطا لإثبات المنهي عنه ، بخلاف الجمعة على ما هو ظاهر من الكتاب ، وكذا إذا وقف بعد أن طاف ثلاثة أشواط فإنه يرفض العمرة ، ولو كان طاف أربعة أشواط لم يصر رافضا للعمرة بالوقوف وأتمها يوم النحر وهو قارن .

وإن لم يطف لعمرته حين قدم مكة بل طاف وسعى ينوي عن حجته ثم وقف بعرفة لم يكن رافضا لعمرته ، وكان طوافه وسعيه لها وهو رجل لم يطف للحج فيرمل في طواف الزيارة ويسعى بعده ، وهذا بناء على ما تقدم من أن المأتي به إذا كان من جنس ما هو متلبس به في وقت يصلح له ينصرف إلى ما هو متلبس به .

وعن هذا قولنا : لو طاف وسعى للحج ثم طاف وسعى لعمرة لا شيء عليه ، وكان الأول عن العمرة والثاني عن الحج . وهذا كمن سجد في الصلاة بعد الركوع ينوي سجدة تلاوة عليه انصرف إلى سجدة الصلاة ، والله سبحانه أعلم .




الخدمات العلمية