الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن ساق بدنة فاضطر إلى ركوبها ركبها ، وإن استغنى عن ذلك لم يركبها ) لأنه جعلها خالصة لله تعالى ، فما ينبغي أن يصرف شيئا من عينها أو منافعها إلى نفسه إلى أن يبلغ محله ، إلا أن يحتاج إلى ركوبها لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها ويلك } وتأويله أنه كان عاجزا محتاجا ولو ركبها فانتقص بركوبه فعليه ضمان ما نقص من ذلك

التالي السابق


( قوله لما روي ) في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال له اركبها ، قال : إنها بدنة ، قال اركبها ، قال : فرأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم } قال ابن العطار في شرح العمدة : لم نر اسم هذا المبهم .

وقد اختلف في ركوب البدنة المهداة ; فعن بعضهم أنه واجب لإطلاق هذا الأمر مع ما فيه من مخالفة سيرة الجاهلية وهي مجانبة السائبة والوصيلة والحامي . ورد هذا بأنه عليه الصلاة والسلام لم يركب هديه ولم يركبه ولا أمر الناس بركوب هداياهم . ومنهم من قال : له أن يركبها مطلقا من غير حاجة تمسكا بإطلاق هذا .

وقال أصحابنا والشافعي رحمهم الله : لا يركبها إلا عند الحاجة حملا للأمر المذكور ، على أنه كان لما رأى عليه الصلاة والسلام من حاجة الرجل إلى ذلك ، ولا شك أنه في واقعة حال فاحتمل الحاجة به واحتمل عدمها ، فإن وجد دليل يفيد أحدهما حمل عليه وقد وجد من المعنى ما يفيده وهو أنه جعلها كلها لله تعالى فلا ينبغي أن يصرف منها شيئا لمنفعة نفسه فيجعل محمل تلك الواقعة .

ثم رأينا اشتراط الحاجة ثابتا بالسنة وهو ما في صحيح مسلم عن { أبي الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن ركوب الهدي فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اركبها بالمعروف إذ ألجئت إليها } فالمعنى يفيد منع الركوب مطلقا والسمع ورد بإطلاقه بشرط الحاجة رخصة فيبقى فيما وراءه على المنع الأصلي الذي هو مقتضى المعنى لا بمفهوم الشرط .

وفي الكافي للحاكم : فإن ركبها أو حمل متاعه عليها للضرورة ضمن ما نقصها ذلك : يعني إن نقصها شيء من ذلك ضمنه




الخدمات العلمية