الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 207 - 208 ] ( فصل في بيان المحرمات )

قال ( لا يحل للرجل أن يتزوج بأمه ولا بجداته من قبل الرجال والنساء ) لقوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم [ ص: 209 ] وبناتكم } والجدات أمهات ، إذ الأم هي الأصل لغة أو ثبتت حرمتهن بالإجماع ، قال ( ولا ببنته ) لما تلونا ( ولا ببنت ولده وإن سفلت ) للإجماع .

[ ص: 208 ]

التالي السابق


[ ص: 208 ] فصل في بيان المحرمات ) المحلية الشرعية من شرائط النكاح

وإنما أفرد هذا الشرط بفصل على حدة لكثرة شعبه وانتشار مسائله . وانتفاء محلية المرأة للنكاح شرعا بأسباب : الأول النسب ، فيحرم على الإنسان فروعه وهم بناته وبنات أولاده وإن سفلن وأصوله وهم أمهاته وأمهات أمهاته وآبائه وإن علون ، وفروع أبويه وإن نزلن ، فتحرم بنات الإخوة والأخوات وبنات أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلن ، وفروع أجداده وجداته لبطن واحد ، فلهذا تحرم العمات والخالات ، وتحل بنات العمات والأعمام والخالات والأخوال . الثاني المصاهرة ، يحرم بها فروع نسائه المدخول بهن وإن نزلن ، وأمهات الزوجات وجداتهن بعقد صحيح وإن علون وإن لم يدخل بالزوجات ، وتحرم موطوءات آبائه وأجداده وإن علوا ولو بزنا والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح ، وتحرم موطوءات أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا ولو بزنا ، والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح . الثالث الرضاع ، يحرم كالنسب ، وسيأتي تفصيله في كتاب الرضاع إن شاء الله تعالى . الرابع الجمع بين المحارم والأجنبيات كالأمة مع الحرة السابقة عليها . الخامس حق الغير ، كالمنكوحة والمعتدة والحامل بثابت النسب .

السادس عدم الدين السماوي كالمجوسية والمشركة . [ ص: 209 ] السابع : التنافي كنكاح السيد أمته والسيدة عبدها ( قوله إذ الأم هي الأصل لغة ) قال الله تعالى { وعنده أم الكتاب } وسميت مكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها والخمر أم الخبائث ، فعلى هذا ثبتت حرمة الجدات بموضوع اللفظ وحقيقته لأن الأم على هذا من قبيل المشكك ( قوله أو ثبتت حرمتهن بالإجماع ) أي إن لم يكن إطلاق الأم على الأصل بطريق الحقيقة حتى لا يتناول النص الجدات .

والتحقيق أن الأم مراد بها الأصل على كل حال ، لأنه إن استعمل فيه حقيقة فظاهر ، وإلا فيجب أن يحكم بإرادته مجازا فتدخل الجدات في عموم المجاز والمعرف لإرادة ذلك في النص الإجماع على حرمتهن ، ولم يثبت عند المصنف إطلاق لفظ البنت على الفرع حقيقة فلذا اقتصر في حرمة بنات الأولاد على الإجماع ، وظاهر بعض الشروح ثبوته حيث قال : وكذا الاستدلال في البنات ، فإن بنت البنت تسمى بنتا حقيقة باعتبار أن البنت يراد به الفرع فيتناولها النص حقيقة أو مجازا عند البعض . وقوله عند البعض يريد إذا استعمل في حقيقته ومجازه عند العراقيين فإنهم يجوزونه إذا كان في محلين . وعلى ما أسمعناك من التقرير يتناولهن مجازا عند الكل . ومن الطرق في تحريم الجدات وبنات الأولاد دلالة النص المحرم للعمات والخالات وبنات الأخ والأخت ، ففي الأول لأن الأشقاء منهن أولاد الجدات ، فتحريم الجدات وهن أقرب أولى ، وفي الثاني لأن بنات الأولاد أقرب من بنات الإخوة .

[ فرعان : الأول ]

لبنت الملاعنة حكم البنت ، فلو لاعن فنفى القاضي نسبها من الرجل وألحقها بالأم لا يجوز للرجل أن يتزوجها لأنه بسبيل من أن يكذب نفسه ويدعيها فيثبت نسبها منه . الثاني يحرم على الرجل بنته من الزنا بصريح النص المذكور لأنها بنته لغة ، والخطاب إنما هو باللغة العربية ما لم يثبت نقل كلفظ الصلاة ونحوه فيصير منقولا شرعيا




الخدمات العلمية