الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في النفاس ( النفاس هو الدم الخارج عقيب الولادة ) لأنه مأخوذ من تنفس الرحم بالدم أو من خروج النفس بمعنى الولد أو بمعنى الدم ( والدم الذي تراه الحامل ابتداء أو حال ولادتها قبل خروج الولد استحاضة ) وإن كان ممتدا . وقال الشافعي رحمه الله : حيض اعتبارا بالنفاس إذ هما جميعا من الرحم .

[ ص: 187 ] ولنا أن بالحبل ينسد فم الرحم كذا العادة ، والنفاس بعد انفتاحه بخروج الولد ، ولهذا كان نفاسا بعد خروج بعض الولد فيما روي عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لأنه ينفتح فيتنفس به ( والسقط الذي استبان بعض خلقه ولد ) حتى تصير المرأة به نفساء وتصير الأمة أم ولد به وكذا العدة تنقضي به

التالي السابق


( فصل في النفاس )

( قوله هو الدم ) يفيد أنها لو ولدت ولم تر دما لا تكون نفساء ، ثم يجب الغسل عند أبي حنيفة احتياطا لأن الولادة لا تخلو ظاهرا عن قليل دم ، وعند أبي يوسف لا يجب لأنه تعلق بالنفاس ولم يوجد ، ثم ينبغي أن يزاد في التعريف فيقال عقيب الولادة من الفرج ، فإنها لو ولدت من قبل سرتها بأن كان ببطنها جرح فانشقت وخرج الولد منها تكون صاحبة جرح سائل لا نفساء وتنقضي به العدة وتصير الأمة أم ولد به ، ولو علق طلاقها بولادتها وقع كذا في الظهيرية ( قوله أو بمعنى الدم ) قال الشاعر : [ ص: 187 ]

تسيل على حد السيوف نفوسنا وليس على غير السيوف تسيل



( قوله ولنا أن بالحبل ينسد فم الرحم كذا العادة ) أي العادة المستمرة عدم خروج الدم وهو للانسداد ثم يخرج بخروج الولد للانفتاح به ، وخروج الدم من الحامل أندر نادر فقد لا يراه الإنسان في عمره فيجب أن يحكم في كل حامل بانسداد رحمها اعتبارا للمعهود من أبناء نوعها ، وذلك يستلزم إذا رأت الدم الحكم بكونه غير خارج من الرحم وهو مستلزم الحكم بكونه غير حيض وهو المطلوب ، لذا حكم الشارع بكون وجود الدم دليلا على فراغ الرحم في قوله صلى الله عليه وسلم { ألا لا تنكح الحبالى حتى يضعن ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة } مع أن كون المرئي حيضا غير معلوم لجواز كونه استحاضة وهي حامل ومع ذلك أهدر هذا التجويز نظرا إلى الغالب في أنه لا يظهر عن فرج الحامل دم وإن جاز أن يكون استحاضة لندرة الاستحاضة ( قوله بخروج بعض الولد ) أي أكثره ( قوله والسقط الذي استبان بعض خلقه ) كأصبع أو ظفر ( ولد ) فلو لم يستبن منه شيء لم يكن ولدا [ ص: 188 ] فإن أمكن جعله حيضا بأن امتد جعل إياه وإلا فاستحاضة . وفي الفتاوى : طهرت شهرين فظنت أن بها حبلا ثم أسقطت بعد شهرين سقطا لم يستبن خلقه وقد رأت قبل الإسقاط عشرة دما يكون حيضا لأنه بعد طهر صحيح ، وهي لما أسقطت سقطا لم يستبن شيء من خلقه لم تعط حكم الولادة في شيء من الأحكام فحكم بأن هذا كان دما انعقد ثم تحلل فخرج فلم يكن دما حامل فكان حيضا




الخدمات العلمية