الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 113 - 114 ] باب الأيمان في الطلاق ( وإذا أضاف الطلاق إلى النكاح وقع عقيب النكاح مثل أن يقول لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى : لا يقع لقوله صلى الله عليه وسلم { لا طلاق قبل النكاح } [ ص: 115 ] ولنا أن هذا تصرف يمين لوجود الشرط والجزاء فلا يشترط لصحته قيام الملك في الحال لأن الوقوع عند الشرط والملك متيقن به عنده وقبل ذلك أثره المنع وهو قائم بالمتصرف ، والحديث محمول على نفي التنجيز ، [ ص: 116 ] والحمل مأثور عن السلف كالشعبي والزهري وغيرهما ( وإذا أضافه إلى شرط وقع عقيب الشرط مثل أن يقول لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق ) وهذا بالاتفاق لأن الملك قائم في الحال ، والظاهر بقاؤه إلى وقت وجود الشرط

التالي السابق


[ ص: 114 ] باب الأيمان في الطلاق ) .

اليمين في الأصل القوة . قال الشاعر :

إن المقادير بالأوقات نازلة ولا يمين على دفع المقادير

أي لا قوة ، وسميت إحدى اليدين باليمين لزيادة قوتها بالنسبة إلى الأخرى ، وسمي الحلف بالله يمينا لإفادته القوة على المحلوف عليه من الفعل أو الترك والحمل عليه بعد تردد النفس فيه ، ولا شك في إفادة تعليق المكروه للنفس على أمر بحيث ينزل شرعا عند نزوله قوة الامتناع عن ذلك الأمر وتعليق المحبوب لها على ذلك الحمل عليه فكان يمينا ( قوله وإذا أضاف إلخ ) استعملها في المفهوم اللغوي وإلا فالمثال لا يطابق لأنه تعليق لا إضافة ( قوله وقال الشافعي : لا يقع ) ونقل عن علي وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم وبه قال أحمد . وقال مالك : إن خص بلدا أو قبيلة أو صنفا أو امرأة صح ، وإن عمم مطلقا لا يجوز إذ فيه سد باب النكاح ، وبه قال ربيعة والأوزاعي وابن أبي ليلى . [ ص: 115 ] أما لو قال كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي فإنه يصير مظاهرا مع العموم لأن الحرمة ترتفع بالتكفير . وعندنا لا فرق بين العموم وذلك الخصوص إلا أن صحته في العموم مطلق ، يعني لا فرق بين أن يعلق بأداة الشرط أو بمعناه ، وفي المعينة يشترط أن يكون بصريح الشرط ، فلو قال : هذه المرأة التي أتزوجها طالق فتزوجها لم تطلق لأنه عرفها بالإشارة فلا تؤثر فيها الصفة : أعني أتزوجها ، بل الصفة فيها لغو فكأنه قال : هذه طالق ، بخلاف قوله إن تزوجت هذه فإنه يصح ، ولا بد من التصريح بالسبب في المحيط .

لو قال : كل امرأة أجتمع معها في فراش فهي طالق فتزوج امرأة لا تطلق ، وكذا كل جارية أطؤها حرة فاشترى جارية فوطئها لا تعتق لأن العتق لم يضف إلى الملك .

ولو قال : نصف المرأة التي تزوجنيها طالق فزوجه امرأة بأمره أو بغير أمره لا تطلق لأن التعليق لم يصح . ولو تزوج امرأة على أنها طالق لم تطلق لأنه تعذر جعله بدلا أو شرطا . وكذا لو اشترى عبدا على أنه حر لم يعتق . ومذهبنا مروي عن عمر وابن مسعود وابن عمر . تمسك الشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم { لا طلاق قبل النكاح } أخرجه ابن ماجه من حديث المسور بن مخرمة ، قال صلى الله عليه وسلم { لا طلاق قبل النكاح ولا عتق قبل ملك } وعنده طريق أخرى من علي رضي الله عنه يرفعه { لا طلاق قبل النكاح } انتهى ، وفيه جويبر وهو ضعيف .

وأخرج أبو داود والترمذي عنه صلى الله عليه وسلم { لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق له فيما لا يملك ، ولا طلاق له فيما لا يملك } قال الترمذي : حسن ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب وأخرج الدارقطني عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل قال : يوم أتزوج فلانة فهي طالق ثلاثا ، قال : طلق ما لا يملك } وأخرج أيضا { عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال عم لي : اعمل لي عملا حتى أزوجك ابنتي ، فقلت : إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا ثم بدا لي أن أتزوجها ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال لي : تزوجها فإنه لا طلاق إلا بعد النكاح ، قال فتزوجتها فولدت لي سعدا وسعيدا } .

ولنا أن هذا تعليق لما يصح تعليقه وهو الطلاق فيلزم [ ص: 116 ] كالعتق والوكالة والإبراء ، وما ظن مانعا من أنه رتب على النكاح ضد مقتضاه فيلغو ، وذلك لأن النكاح شرع سببا لثبوت الوصلة وانتظام المصالح فلا يملك جعله سببا لانقطاعها ، بخلاف العتق يصح تعليقه بالملك لأنه مندوب مطلوب للشرع فتعليقه به مبادرة إلى المطلوب .

أما الطلاق فمحظور ، وإنما شرع للحاجة بتباين الأخلاق غلط لأن الحاجة كما تتحقق بعد الوصلة بالدخول كذلك قبل التزوج ، فإن النفس قد تدعو إلى تزوجها مع علمه بفساد حالها وسوء عشرتها ويخشى لجاجتها وغلبتها عليه فيؤيسها بتعليق طلاقها بنكاحها فطاما لها عن مواقع الضرر ، فيجب أن يشرع كما شرع تعليقه بخروجها ليفطمها عنه لما فيه من الضرر عليه فتحقق المقتضى وهو تكلمه بالتعليق لما يصح بلا مانع ، بل هو أولى بالصحة من تعليق طلاق المنكوحة لما سيذكر .

والجواب عن الأحاديث المذكورة أما ما قبل الحديثين الأخيرين فمحمول على نفي التنجيز لأنه هو الطلاق ، أما الطلاق المعلق فليس به بل له عرضية أن يصير طلاقا وذلك عند الشرط ( والحمل مأثور عن السلف كالشعبي والزهري ) قال عبد الرزاق في مصنفه : أخبرنا معمر عن الزهري أنه قال في رجل قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق وكل أمة أشتريها فهي حرة هو كما قال ، فقال له معمر : أو ليس قد جاء { لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك } قال : إنما ذلك أن يقول الرجل : امرأة فلان طالق وعبد فلان حر .

وقول المصنف ( وغيرهما ) تصريح بما يفهم من كاف التشبيه المشعرة بعدم الحصر خصوصا بعد قوله مأثور عن السلف يعطي أنه مأثور عن غيرهما أيضا .



أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن سالم والقاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز والشعبي والنخعي والزهري والأسود وأبي بكر بن عمرو بن حزم وأبي بكر بن عبد الرحمن وعبد الله بن عبد الرحمن ومكحول الشامي في رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق أو يوم أتزوجها فهي طالق أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق قالوا هو كما قال . وفي لفظ : يجوز عليه ذلك . وقد نقل مذهبنا أيضا عن سعيد بن المسيب وعطاء وحماد بن أبي سليمان وشريح رحمة الله عليهم أجمعين . وأما الحديثان الأخيران فلا شك في ضعفهما . قال صاحب تنقيح التحقيق : إنهما باطلان ، ففي الأول أبو خالد الواسطي وهو عمر بن خالد قال : وضاع ، وقال أحمد وابن معين : كذاب ، وفي الأخير علي بن قرين كذبه ابن معين وغيره ، وقال ابن عدي : يسرق الحديث ، بل ضعف أحمد وأبو بكر بن العربي القاضي شيخ السهيلي جميع الأحاديث وقال : ليس لها أصل في الصحة ، ولذا ما عمل بها مالك وربيعة والأوزاعي ، فما قيل : لم يرد ما يعارضها حتى يترك العمل بها ساقط لأن الترجيح فرع صحة الدليل أولا ، كيف ومع عدم تقدير الصحة لا دلالة على نفي [ ص: 117 ] تعليقه بل على نفي تنجيزه . فإن قيل : لا معنى لحمله على التنجيز لأنه ظاهر يعرفه كل أحد فوجب حمله على التعليق فالجواب صار ظاهرا بعد اشتهار حكم الشرع فيه لا قبله ، فقد كانوا في الجاهلية يطلقون قبل التزوج تنجيزا ويعدون ذلك طلاقا إذا وجد النكاح فنفى ذلك صلى الله عليه وسلم في الشرع في هذه الأحاديث وغيرها .

بقي لهم بعد ذلك أن يمنعوا كون المعلق ليس طلاقا ليخرج عن تناول النص ، بل هو طلاق تأخر عمله إلى وجود الشرط كالبيع بشرط الخيار . والجواب أن أهل العرف واللغة لا يفهمون من الطلاق تعليقه ، وكذا الشرع لو حلف لا يطلق امرأته فعلق طلاقها لا يحنث إجماعا . ومما يؤيد ذلك ما في موطإ مالك أن سعيد بن عمر بن سليم الزرقي سأل القاسم بن محمد عن رجل طلق امرأته إن هو تزوجها ، فقال القاسم : إن رجلا جعل امرأته عليه كظهر أمه إن هو تزوجها ، فأمره عمر إن هو تزوجها أن لا يقربها حتى يكفر كفارة المظاهر .

فقد صرح عمر بصحة تعليق الظهار بالملك ولم ينكر عليه أحد ، فكان إجماعا والكل واحد . والخلاف فيه أيضا وكذا في الإيلاء إذا قال : إن تزوجتك فوالله لا أقربك أربعة أشهر يصح فمتى تزوجها يصير موليا . فإن قيل : هذا التعليق إنشاء تصرف في محل في حال لا ولاية له عليه فيلغو كتعليق الصبي بأن قال : إذا بلغت فزوجته طالق ، وتعليق البالغ طلاق الأجنبية بغير الملك .

قلنا : لا بد أولا من بيان المراد بقولنا هو طلاق أو ليس به إذ لا شك في أنه لفظ الطلاق ، والمراد أنه ليس سببا في الحال لحكم الطلاق من العدة وغيرها تأخر عمله كالبيع بشرط الخيار .

وحينئذ نقول : لا إشكال في أن كون الشيء سببا شرعا لثبوت حكم في محل لا يتصور بدون اتصاله بذلك المحل شرعا : أعني أن يعتبر الشرع أنه اتصل به سببا للحكم فيه لا مجرد الاتصال في اللفظ فإن سببيته ليست إلا بإيجابه الحكم في محل حلوله ملزوما للحكم فيحل حيث حل ، ولا ريب في أن الشرط يمنع من ذلك للقطع بأنه لم يعن أنت طالق الآن ، بل إذا كان كذا فأنت طالق إذ ذاك لا الآن ، فإذا كان ذاك يرتفع المانع وهو التعليق فحينئذ ينزل بالمحل سببا ، بخلاف البيع بشرط الخيار لأنه لم يعلق البيع على منتظر بل أثبته في الحال ، غير أنه جعل له خيار أن يفسخ إن لم يوافق غرضه رفقا به ، وهذا لا يمنعه من الوصول في الحال بل يحقق سببيته في الحال لو تأملت هذا التركيب .

وأما عدم اعتباره من الصبي فليس لعدم ولايته على المحل بل لعدم أهليته للتعليق كالتنجيز ، بخلاف البالغ فإن افتقاره في التصرف إلى المحل إنما هو عند قصد التنجيز فيه للحال ، وما نحن فيه التزام يمين يقصد بها بالذات البر : أعني منع نفسه من تزوجها ، وهذا يقوم به وحده فيتضمن هذا منع كونه تصرفا في المحل في حال عدم ولايته عليه بل تصرف مقتصر عليه إلا أنه لما كان الحنث أحد الجائزين وبتقديره ينعقد كلامه سببا وهو يستدعي المحلية وهما معا يتوقفان على ملك النكاح لزم لصحة كلامه في الحال ظهور قيام ملكه عند انعقاده . ثم رأينا الشرع صححه مكتفيا بظهور قيامه عنده فيما إذا قال للمنكوحة : إن دخلت الدار فأنت طالق فإن قيام الملك عنده بناء على الاستصحاب فتصحيحه إياه مع تيقن قيامه أحرى وذلك في المتنازع فيه وهو تعليقه بالملك ، وبهذا حصل الجواب عن الأخير : أعني تطليقه في الأجنبية بغير الملك ، ولهذا رأينا الشرع صحح قوله للأمة إذا ولدت ولدا فهو حر حتى يعتق ما تلده مع عدم قيام ملك عتق الولد قبل الولادة ، فظهر أن قيام المحلية للحكم ليس شرطا لصحة التعليق ، ولعمري إن جل هذه المقاصد اشتمل عليها عبارة المصنف بنهاية الإيجاز وطلاوة الألفاظ .

وقوله وقع عقيب النكاح يفيد أن الحكم يتأخر عنه وهو المختار لأن الطلاق المقارن [ ص: 118 ] لا يقع كقوله : أنت طالق مع نكاحك إذ لا يثبت الشيء منتفيا ، ومرجع ضمير أثره تصرف يمين وهو إضافة بيانية : أي تصرف هو يمين ، وكذا هو في قوله وهو قائم بالمتصرف ، أي فلا حاجة إلى اشتراط المحل بل قيام ذمة الحالف في ذلك كاف .

وقول مالك إنه سد على نفسه باب النكاح . قلنا : فماذا يلزم إذ قد يكون علم مصلحة في ذلك دينا لعلمه بغلبة الجور على نفسه أو دنيا لعدم يساره ولنفسه لجاج فيأسها ، على أنه يتصور تزوجه عندنا بأن يعقد له فضولي ويجيز هو بالفعل كسوق الواجب إليها أو الوطء .

واعلم أن مقتضى ما ذكر كون المضاف لا ينعقد سببا في الحال كالمعلق ، لكنهم جعلوه سببا في الحال نحو : أنت طالق يوم يقدم فلان ، ولا فرق إلا ظهور إرادة المضيف الإيقاع ، بخلاف المعلق فإن قصده البر ، فكأن هذا المعنى المعقول صارف للفظ عن قضيته ولا يعرى عن شيء مع أن نحو أنت طالق غدا وإذا جاء غد واحد في قصد الإيقاع ، وهم يجعلون إذا جاء غد تعليقا غير سبب في الحال والآخر سببا في الحال . وأما قولهم إنه ينزل سببا عند الشرط كأنه عند الشرط أوقع تنجيزا فالمراد الإيقاع حكما ، ولهذا إذا علق العاقل الطلاق ثم جن عند الشرط تطلق ، ولو كان كالملفوظ حقيقة لم يقع لعدم أهليته .



[ فروع ] في المنتقى : إن تزوجت فلانة : فهي طالق وإن أمرت من يزوجنيها فهي طالق فأمر إنسانا أن يزوجها منه طلقت لأنهما يمينان : إحداهما على الأمر والأخرى على التزوج . ولو قال إن تزوجت فلانة وإن أمرت من يزوجنيها فهي طالق فأمر إنسانا أن يزوجها منه فتزوجها بنفسه طلقت لأن اليمين واحدة والشرط شيئان وقد وجدا ، بخلاف ما لو كان الواقع مجرد الأمر حيث لا تنحل اليمين ، وكذا لو تزوجها من غير أن يأمر أحدا لا تطلق لأن بعض الشرط ، فإن أمر بعد ذلك رجلا فقال : زوجني فلانة وهي امرأته على حالها طلقت لكمال الشرط .



ولو قال : إن تزوجت فلانة أو أمرت إنسانا أن يزوجنيها فهي طالق فأمر غيره فزوجه تلك المرأة لم تطلق لأنه حنث بالأمر قبل تزويج المأمور فانحلت اليمين بلا وقوع شيء فلا يحنث بتزوجه بعده



وعن أبي يوسف : إذا قال : إن تزوجت فلانة أو خطبتها فهي طالق فخطبها فتزوجها لا تطلق ، قال في الكتاب لأنه حنث بالخطبة ، فهذا يدل على أن اليمين منعقدة ، وهو رد على من قال : اليمين غير منعقدة لأن الشرط أحدهما ، وأحدهما بعينه صالح والآخر لا فإنه نص على الحنث ، حتى لو تزوج قبل الأمر في المسألة التي قبلها وقبل الخطبة في هذه المسألة وقع بأن قال للمرأة ابتداء بحضرة رجلين : تزوجتك بألف فقبلت طلقت .



وفي فوائد شمس الأئمة الحلواني : لو قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق إن تزوجت فلانة فتزوج فلانة لا تطلق ، فإن طلقها ثم تزوجها تطلق . ووجهه أنه اعتراض الشرط على الشرط كقوله إن تزوجتك فأنت طالق إن دخلت الدار لا تطلق حتى يتحقق مضمون الشرطين .



رجل له مطلقة فقال : إن تزوجتها فحلال الله علي حرام فتزوجها تطلق . ولو قال لامرأته : إن تزوجت عليك ما عشت فحلال الله علي حرام ، ثم قال : إن تزوجت عليك فالطلاق علي واجب ثم تزوج عليها يقع على كل منهما تطليقة باليمين الأولى وتقع أخرى على واحدة منهما باليمين الثانية يصرفها إلى أيتهما شاء ، هذا في النوازل . قال في المحيط وفيه نظر ، وينبغي أن لا تطلق في اليمين الثانية لأن اليمين الثانية تعليق إيجاب الطلاق بالتزويج وإنه لا يصح ، بخلاف تعليق نفس الطلاق ، وينبغي أن يقع باليمين الأولى طلاق إحداهما يصرف إلى أيتهما شاء ، ولأن اليمين الأولى لما [ ص: 119 ] انصرفت إلى الطلاق صار كأنه قال زن ويرا طلاق ، ومن قال ذلك وله امرأتان يقع على إحداهما انتهى . وفي نظره نظر . أما قوله وينبغي أن لا تطلق في اليمين الثانية إلخ فبناء على أن التنجيز بالطلاق على واجب ليس بصحيح ، وأنت قد علمت ما في ذلك من الاختلاف ، وأن المختار وقوع الطلاق ، والمذكور في النوازل بناء عليه . وأما قوله وينبغي أن يقع باليمين الأولى طلاق إحداهما إلخ فليس بصحيح لأن حلال الله عام استغراقي لا بدلي فيشمل الزوجتين معا فقد حرمهما وزن ويرا طلاق ليس مثله لأن معناه امرأته ، وهو إنما يتناول الواحدة فقد أوقع الطلاق على واحدة مبهمة فإليه تعيينها



وإذا قال : كل امرأة أتزوجها طالق فزوجه فضولي فأجاز بالفعل بأن ساق المهر ونحوه لا تطلق ، بخلاف ما إذا وكل به لانتقال العبارة إليه .




الخدمات العلمية