الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 108 ] ( باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك ) قال ( ومن حلف لا يخرج من المسجد فأمر إنسانا فحمله فأخرجه حنث ) لأن فعل المأمور مضاف إلى الآمر فصار كما إذا ركب دابة فخرجت ( ولو أخرجه مكرها لم يحنث ) لأن الفعل لم ينتقل إليه لعدم الأمر ( ولو حمله برضاه لا بأمره لا يحنث ) [ ص: 109 ] في الصحيح ، لأن الانتقال بالأمر لا بمجرد الرضا .

[ ص: 108 ]

التالي السابق


[ ص: 108 ] باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب )

الخروج مقابل للدخول فناسب إعقابه به ، ويعقب الخروج الركوب ثم الرجوع وهو الإتيان ، فلما ارتبطت أوردها في باب الخروج ( قوله ومن حلف لا يخرج من المسجد ) أو الدار أو البيت أو غير ذلك فأمر إنسانا فحمله فأخرجه حنث لأن فعل المأمور مضاف إلى الآمر فصار كما لو ركب دابة فخرجت به فإنه يحنث ، لأن فعل الدابة مضاف إليه كذا هذا . ولو أخرجه مكرها لم يحنث لأن الفعل وهو الخروج لم ينتقل إلى الحالف لعدم الأمر وهو الموجب للنقل ، والمراد من الإخراج مكرها هنا أن يحمله ويخرجه كارها لذلك الإكراه المعروف ، وهو أن يتوعده حتى يفعل . فإنه إذا توعده فخرج بنفسه حنث لما عرف أن الإكراه لا يعدم الفعل عندنا ، ونظيره ما لو حلف لا يأكل هذا الطعام فأكره عليه حتى أكله حنث .

ولو أوجر في حلقه لا يحنث ، ولو حمله برضاه لا بأمره لا يحنث [ ص: 109 ] في الصحيح . وقيل يحنث لأنه لما كان يقدر على الامتناع فلم يفعل صار كالآمر . وجه الصحيح أن الانتقال بالأمر لا بمجرد الرضا ولم يوجد الأمر ولا الفعل منه فلا ينسب الفعل إليه .

ولو قيل قصر الانتقال على الآمر محل النزاع لأن من يقول يحنث يجعل الرضا أيضا فلا دفع بفرع اتفاقي ، وهو ما إذا أمره أن يتلف ماله ففعل لا يضمن المتلف لانتساب الإتلاف إليه بالأمر ، فلو أتلفه وهو ساكت ينظر فلم ينهه ضمن من غير تفصيل لأحد بين كونه راضيا أو لا ، ثم إذا لم يحنث بإخراجه محمولا لإنسان أو بهبوب ريح حملته هل تنحل اليمين ؟ قال السيد أبو شجاع : تنحل وهو أرفق بالناس . وقال غيره من المشايخ : لا تنحل وهو الصحيح . ذكره التمرتاشي وقاضي خان . وذلك لأنه إنما لا يحنث لانقطاع نسبة الفعل إليه ، وإذا لم يوجد منه المحلوف عليه كيف تنحل اليمين فبقيت على حالها في الذمة .

ويظهر أثر هذا الخلاف فيما لو دخل بعد هذا الإخراج هل يحنث ؟ فمن قال انحلت قال لا يحنث . وهذا بيان كونه أرفق بالناس . ومن قال لم تنحل قال حنث ووجبت الكفارة وهو الصحيح .




الخدمات العلمية