الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 118 ] ( وإن حلف لا يأكل من هذا البسر فصار رطبا فأكله لم يحنث . وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الرطب أو من هذا اللبن فصار تمرا أو صار اللبن شيرازا لم يحنث ) لأن صفة البسورة والرطوبة داعية إلى اليمين ، وكذا كونه لبنا فيتقيد به ، ولأن اللبن مأكول فلا ينصرف اليمين إلى ما يتخذ منه ، بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي عنه فلم يعتبر الداعي داعيا في الشرع .

التالي السابق


( قوله وإن حلف لا يأكل من هذا البسر فصار رطبا فأكله لم يحنث . وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الرطب فصار تمرا أو من هذا اللبن فصار شيرازا ) أي رائيا وهو الخاثر إذا استخرج ماءه فأكله ( لا يحنث ) لأن الأصل أن المحلوف عليه إذا كان بصفة داعية إلى اليمين تقيد به في المعرف [ ص: 119 ] والمنكر . فإذا زالت زال اليمين عنه ، وما لا تصلح داعية اعتبر في المنكر دون المعرف ; وصفة البسورة والرطوبة مما قد تدعو إلى اليمين بحسب الأمزجة ، وكذا صفة اللبنية فإذا زالت ما عقد عليه اليمين فأكله أكل ما لم تنعقد عليه ، ويخص اللبن وجه ذكره بقوله ولأن اللبن مأكول فلا ينعقد إلا على عينه لا على ما يصير إليه لأن الحقيقة غير مهجورة فلا يحنث بشيرازه ولا بسمنه وزبده ، بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعدما شاخ لأن هجران المسلم بمنع الكلام معه منهي عنه فلم يعتبر ما يخال داعيا إلى اليمين من جهله وسوء أدبه إذا كان الشارع منعنا من هجران المسلم مطلقا مع علمه بأن الداعي قد يكون كذا وكذا فوجب الاتباع ، ونظر فيه بأن الهجران قد يجوز أو يجب إذا كان لله بأن كان يتكلم بما هو معصية أو يخشى فتنة أو فساد عرضه بكلامه فلا نسلم أن الشارع منع الهجران مطلقا فحيث حلف لا يكلمه لا يحكم إلا أنه وجد المسوغ ، وإذا وجد اعتبر الداعي فتقيد بصباه وشبيبته ونذكر ما فيه في المسألة التي تليها .




الخدمات العلمية