الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في كيفية القطع وإثباته

قال ( ويقطع يمين السارق من الزند ويحسم ) فالقطع لما تلوناه من قبل ، واليمين بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، ومن الزند لأن الاسم يتناول اليد إلى الإبط ، وهذا المفصل : أعني الرسغ متيقن به ، [ ص: 394 ] كيف وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقطع يد السارق من الزند ، والحسم لقوله عليه الصلاة والسلام { فاقطعوه واحسموه ، } ولأنه لو لم يحسم يفضي إلى التلف والحد زاجر لا متلف [ ص: 395 ] ( فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى ، فإن سرق ثالثا لم يقطع وخلد في السجن حتى يتوب ) وهذا استحسان ويعزر أيضا ، ذكره المشايخ رحمهم الله . وقال الشافعي رحمه الله : في الثالثة تقطع يده اليسرى ، وفي الرابعة تقطع رجله اليمنى لقوله عليه الصلاة والسلام { من سرق فاقطعوه ، فإن عاد فاقطعوه ، فإن عاد فاقطعوه } ويروى مفسرا كما هو مذهبه ، ولأن الثالثة مثل الأولى في كونها جناية بل فوقها فتكون أدعى إلى شرع الحد .

[ ص: 396 ] ولنا قول علي رضي الله عنه فيه : إني لأستحي من الله تعالى أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي [ ص: 397 ] عليها ، بهذا حاج بقية الصحابة رضي الله عنهم فحجهم فانعقد إجماعا ، ولأنه إهلاك معنى لما فيه من تفويت جنس المنفعة والحد زاجر ، ولأنه نادر الوجود والزجر فيما يغلب وقوعه بخلاف القصاص لأنه حق العبد فيستوفى ما أمكن جبرا لحقه . والحديث طعن فيه الطحاوي رحمه الله أو نحمله على السياسة

التالي السابق


( فصل في كيفية القطع وإثباته )

ظاهر ترتيبه على بيان نفس السرقة وتفاصيل المال والحرز لأنه حكم سرقة المال الخالص من الحرز فيتعقبه ( فالقطع لما تلونا من قبل ) وهو قوله تعالى { فاقطعوا أيديهما } والمعنى يديهما ، وحكم اللغة أن ما أضيف من الخلق إلى اثنين لكل واحد واحد أن يجمع مثل قوله تعالى { فقد صغت قلوبكما } وقد يثنى وقال : ظهراهما مثل ظهور الترسين والأفصح الجمع ، وأما كونها اليمين . فبقراءة ابن مسعود فاقطعوا أيمانهما وهي قراءة مشهورة فكان خبرا مشهورا فيقيد إطلاق النص ، فهذا من تقييد المطلق لا من بيان المجمل لأن الصحيح [ ص: 394 ] أنه لا إجمال في قوله { فاقطعوا أيديهما } وقد قطع عليه الصلاة والسلام اليمين ، وكذا الصحابة ، فلو لم يكن التقييد مرادا لم يفعله وكان يقطع اليسار . وذلك لأن اليمين أنفع من اليسار لأنه يتمكن بها من الأعمال وحدها ما لا يتمكن به من اليسار ، فلو كان الإطلاق مرادا والامتثال يحصل بكل لم يقطع إلا اليسار على عادته من طلب الأيسر لهم ما أمكن . وأما كونه من الزند وهو مفصل الرسغ ويقال الكوع فلأنه المتوارث ، ومثله لا يطلب فيه سند بخصوصه كالمتواتر لا يبالي فيه بكفر الناقلين فضلا عن فسقهم أو ضعفهم .

وروي فيه خصوص متون : منها ما رواه الدارقطني في حديث رداء صفوان قال فيه " ثم أمر بقطعه من المفصل " وضعف بالعزرمي . وابن عدي في الكامل عن عبد الله بن عمر قال { قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم سارقا من المفصل } وفيه عبد الرحمن بن سلمة ، قال ابن القطان : لا أعرف له حالا . وأخرج ابن أبي شيبة عن رجاء بن حيوة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا من المفصل } وإنما فيه الإرسال . وأخرج عن عمر وعلي أنهما قطعا من المفصل وانعقد عليه الإجماع ، فما نقل عن شذوذ من الاكتفاء بقطع الأصبع لأن بها البطش ، وعن الخوارج من أن القطع من المنكب لأن اليد اسم لذلك والله أعلم بصحته . وبتقدير ثبوته هو خرق للإجماع ، وهم لم يقدحوا في الإجماع قبل الفتنة ، ولأن اليد تطلق على ما ذكروا وعلى ما إلى الرسغ إطلاقا أشهر منه إلى المنكب ، بل صار يتبادر من إطلاق اليد فكان أولى باعتباره ; لئن سلم اشتراك الاسم جاز كون ما إلى المنكب هو المراد وما إلى الرسغ ، فيتعين ما إلى الرسغ درءا للزائد عند احتمال عدمه . وأما الحسم فقد روى الحاكم من حديث أبي هريرة { أنه عليه الصلاة والسلام أتي بسارق سرق شملة فقال عليه الصلاة والسلام : ما إخاله سرق فقال السارق : بلى يا رسول الله ، فقال : اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به ، فقطع ثم حسم ثم أتي به ، فقال : تب إلى الله ، قال : تبت إلى الله ، قال : تاب الله عليك } وقال : صحيح على شرط مسلم ، ورواه أبو داود في المراسيل ، وكذا رواه أبو القاسم بن سلام في غريب الحديث وأخرج الدارقطني عن حجية عن علي أنه قطع أيديهم من المفصل ثم حسمهم فكأني أنظر إليهم وإلى أيديهم كأنها أيور الحمر . والحسم الكي لينقطع الدم . وفي المغرب والمغني لابن قدامة : هو أن يغمس في الدهن الذي أغلي ، وثمن الزيت وكلفة الحسم في بيت المال عندهم ، لأنه أمر القاطع به ، وبه قال الشافعي في وجه ، وعندنا هو على السارق .

وقول المصنف ( لأنه لو لم يحسم يؤدي إلى التلف ) يقتضي وجوبه ، والمنقول عن الشافعي وأحمد أنه مستحب ، فإن لم يفعل لا يأثم . ويسن تعليق يده في عنقه لأنه عليه الصلاة والسلام أمر به . رواهأبو داود وابن ماجه . وعندنا ذلك مطلق للإمام إن رآه ، ولم يثبت منه عليه الصلاة والسلام في كل من قطعه ليكون سنة [ ص: 395 ] قوله وإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى ) بالإجماع فقد روي فيه حديث قدمناه ، ثم يقطع من الكعب عند أكثر أهل العلم وفعل عمر ذلك .

وقال أبو ثور والروافض : يقطع من نصف القدم من مقعد الشراك لأن عليا كان يقطع كذلك ويدع له عقبا يمشي عليه . قال ( فإن سرق ثالثا لا يقطع ) بل يعزر ( ويخلد في السجن حتى يتوب ) أو يموت ( وقال الشافعي : في الثالثة تقطع يده اليسرى ، وفي الرابعة تقطع رجله اليمنى لقوله صلى الله عليه وسلم { من سرق فاقطعوه ، ثم إن عاد فاقطعوه ، ثم إن عاد فاقطعوه ، ثم إن عاد فاقطعوه } ) وهو بهذا اللفظ لا يعرف ، ولكن أخرج أبو داود عن جابر قال { جيء بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقتلوه ، قالوا : يا رسول الله إنما سرق قال : اقطعوه فقطع ، ثم جيء به في الثانية فقال اقتلوه ، قالوا : يا رسول الله إنما سرق ، قال : اقطعوه فقطع ، ثم جيء به في الثالثة فقال : اقتلوه ، قالوا : يا رسول الله إنما سرق ، قال اقطعوه فقطع ، ثم جيء به في الرابعة فقال : اقتلوه ، فقالوا : يا رسول الله إنما سرق ، فقال اقطعوه فقطع ، ثم جيء به في الخامسة قال : اقتلوه ، قال جابر : فانطلقنا به فقتلناه ، ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة } قال النسائي : حديث منكر .

ومصعب بن ثابت ليس بالقوي . وأخرج النسائي عن حماد بن سلمة أنبأنا يوسف بن سعيد بن الحارث بن حاطب اللخمي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلص قال اقتلوه ، قالوا : يا رسول الله إنما سرق ، قال : اقطعوه ، فقطع ، ثم سرق فقطعت رجله ، ثم سرق على عهد أبي بكر حتى قطعت قوائمه الأربع كلها . ثم سرق الخامسة فقال أبو بكر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بهذا حين قال : اقتلوه } ورواه الطبراني والحاكم في المستدرك وقال : صحيح الإسناد . قال المصنف ( وروي مفسرا كما هو مذهبه ) أخرج الدارقطني عن أبي هريرة عنه عليه الصلاة والسلام قال { إذا سرق السارق فاقطعوا يده . فإن عاد فاقطعوا رجله ، فإن عاد فاقطعوا يده . فإن عاد فاقطعوا رجله } وفي سنده الواقدي . وهنا طرق كثيرة متعددة لم تسلم من الطعن ، ولذا طعن الطحاوي كما ذكره المصنف فقال : تتبعنا هذه الآثار فلم نجد لشيء منها أصلا . وفي المبسوط : الحديث غير صحيح ، وإلا احتج به بعضهم في مشاورة علي ; ولئن سلم يحمل على الانتساخ لأنه كان في الابتداء تغليظ في الحدود ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع أيدي العرنيين وأرجلهم وسمل أعينهم ثم انتسخ ذلك .

وأما فعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فروى مالك في الموطإ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلا من اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه أن عامل اليمن ظلمه ، فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر رضي الله عنه : وأبيك [ ص: 396 ] ما ليلك بليل سارق ، ثم إنهم فقدوا عقدا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فجعل الرجل يطوف معهم ويقول : اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح ، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به ، فاعترف الأقطع وشهد عليه فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى ، وقال أبو بكر : لدعاؤه على نفسه أشد عليه من سرقته . ورواه عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم على أبي بكر رضي الله عنه رجل أقطع . فشكا إليه أن يعلى بن أمية قطع يده ورجله في سرقة وقال : والله ما زدت على أنه كان يوليني شيئا من عمله فخنته في فريضة واحدة فقطع يدي ورجلي ، فقال له أبو بكر : إن كنت صادقا فلأقيدنك منه ، فلم يلبسوا إلا قليلا حتى فقد آل أبي بكر حليا لهم ، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم أظهر من سرق أهل هذا البيت الصالح ، قال : فما انتصف النهار حتى عثروا على المتاع عنده ، فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ويلك إنك لقليل العلم بالله ، فقطع أبو بكر يده الثانية .

قال محمد بن الحسن في موطئه : قال الزهري : ويروى عن عائشة قالت : إنما كان الذي سرق حلي أسماء أقطع اليد اليمنى فقطع أبو بكر رجله اليسرى . قال : وكان ابن شهاب أعلم بهذا الحديث من غير هذا . وقد حكي عن عطاء وعمرو بن العاص وعثمان وعمر بن عبد العزيز أنه يقتل في المرة الخامسة كما هو ظاهر ما روي من ذلك .

وذهب مالك والشافعي إلى أنه يعزز ويحبس كقولنا في الثالثة ( قوله ولنا قول علي رضي الله عنه إلخ ) قال محمد بن الحسن في كتاب الآثار : وأخبرنا أبو حنيفة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى ، فإن عاد قطعت رجله اليسرى ، فإن عاد ضمنته السجن حتى يحدث خيرا ، إني لأستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها ورجل يمشي عليها . ومن طريق محمد رواه الدارقطني ورواه عبد الرزاق في مصنفه : أخبرنا معمر عن جابر عن الشعبي قال : كان علي لا يقطع إلا اليد والرجل . وإن سرق بعد ذلك سجنه ويقول : إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : كان علي لا يزيد على أن يقطع السارق يدا ورجلا ، فإذا أتي به بعد ذلك قال : إني لأستحي أن أدعه لا يتطهر لصلاته . ولكن احبسوه .

وأخرجه البيهقي عن عبد الله بن سلمة عن علي رضي الله عنه أنه أتي بسارق فقطع يده ، ثم أتي به فقطع رجله ، ثم أتي به فقال أقطع يده فبأي شيء يتمسح وبأي شيء يأكل ، أقطع رجله على أي شيء يمشي ، إني لأستحي من الله ، ثم ضربه وخلده في السجن . وروى ابن أبي شيبة أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأل عن السارق ، فكتب إليه بمثل قول علي . وأخرج عن سماك أن عمر استشارهم في سارق فأجمعوا على مثل قول علي . وأخرج عن مكحول أن عمر رضي الله عنه قال : إذا سرق فاقطعوا يده ، ثم إن عاد فاقطعوا رجله ، ولا تقطعوا يده الأخرى وذروه يأكل بها ويستنجي بها ، ولكن احبسوه عن المسلمين .

وأخرج عن النخعي كانوا يقولون : لا يترك ابن آدم مثل البهيمة ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها ، وهذا كله قد ثبت ثبوتا لا مرد له ، فبعيد أن يقع في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه الحوادث التي غالبا تتوفر الدواعي على نقلها مثل سارق يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعته ثم يقتله والصحابة يجتمعون على قتله ، ولا خبر بذلك عند علي وابن عباس وعمر من الأصحاب الملازمين له عليه الصلاة والسلام ، [ ص: 397 ] بل أقل ما في الباب إن كان ينقل لهم إن غابوا بل لا بد من علمهم بذلك تقضي العادة ، فامتناع علي بعد ذلك إما لضعف الروايات المذكورة في الإتيان على أربعته وإما لعلمه أن ذلك ليس حدا مستمرا بل من رأى الإمام قتله لما شاهد فيه من السعي بالفساد في الأرض وبعد الطباع عن الرجوع فله قتله سياسة فيفعل ذلك القتل المعنوي ( قوله وبهذا حاج علي بقية الصحابة فحجهم فانعقد إجماعا ) يشير إلى ما في تنقيح ابن عبد الهادي . قال سعيد بن منصور رضي الله عنه : حدثنا أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه قال : حضرت علي بن أبي طالب وقد أتي برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق ، فقال لأصحابه : ما ترون في هذا ؟ قالوا اقطعه يا أمير المؤمنين ، قال : قتلته إذا وما عليه القتل ، بأي شيء يأكل الطعام ؟ بأي شيء يتوضأ للصلاة ؟ بأي شيء يغتسل من جنابته ؟ بأي شيء يقوم على حاجته ، فرده إلى السجن أياما ثم أخرجه ، فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم الأول وقال لهم مثل ما قال أول مرة ، فجلده جلدا شديدا ثم أرسله .

وقال سعيد أيضا : حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ قال : أتي عمر بن الخطاب بأقطع اليد والرجل قد سرق فأمر أن يقطع رجله . فقال علي رضي الله عنه : قال الله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية ، فقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها ، إما أن تعزره ، وإما أن تودعه السجن فاستودعه السجن . وهذا رواه البيهقي في سننه ، وهو مما يؤيد ضعيف الحديث من استدلال علي رضي الله عنه وموافقة عمر له . قال المصنف ( ولأنه إهلاك معنى ) هو من قول علي رضي الله عنه : قتلته إذا ( والحد زاجر ) لا مهلك ( ولأنه نادر الوجود ) أي يندر أن يسرق الإنسان بعد قطع يده ورجله ( والحد ) لا يشرع إلا ( فيما يغلب ) على ما مر غير مرة ( بخلاف القصاص ) يعني لو قطع رجل يدي رجل قطعت يداه أو أربعته قطعت أربعته ( لأنه حق للعبد فيستوفيه ما أمكن جبرا لحقه ) لا يقال : اليد اليسرى محل للقطع بظاهر الكتاب ولا إجماع على خلاف الكتاب .

لأنا نقول : لما وجب حمل المطلق منه على المقيد عملا بالقراءة المشهورة خرجت من كونها مرادة وتعينت اليمنى مرادة . والأمر المقرون بالوصف وإن تكرر بتكرر ذلك الوصف لكن إنما يكون حيث أمكن ، وإذا انتفى إرادة اليسرى بما ذكرنا من التقييد انتفى محليتها للقطع فلا يتصور تكراره فيلزم أن معنى الآية السارق والسارقة مرة واحدة فاقطعوا أيديهما ، وثبت قطع [ ص: 398 ] الرجل في الثانية بالسنة والإجماع ، وانتفى ما وراء ذلك لقيام الدليل على العدم .




الخدمات العلمية