الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا خرج المسلمون من دار الحرب لم يجز أن يعلفوا من الغنيمة ولا يأكلوا منها ) لأن الضرورة قد ارتفعت ، والإباحة باعتبارها ، ولأن الحق قد تأكد حتى يورث نصيبه ولا كذلك قبل الإخراج إلى دار الإسلام ( ومن فضل معه علف أو طعام رده إلى الغنيمة ) معناه إذا لم تقسم . وعن الشافعي مثل قولنا . وعنه أنه لا يرد اعتبارا بالمتلصص . ولنا أن الاختصاص ضرورة الحاجة وقد زالت ، بخلاف المتلصص ; لأنه كان أحق به قبل الإحراز فكذا بعده ، وبعد القسمة تصدقوا به إن كانوا أغنياء ، وانتفعوا به إن كانوا محاويج [ ص: 492 ] لأنه صار في حكم اللقطة لتعذر الرد على الغانمين ، وإن كانوا انتفعوا به بعد الإحراز ترد قيمته إلى المغنم إن كان لم يقسم ، وإن قسمت الغنيمة فالغني يتصدق بقيمته والفقير لا شيء عليه لقيام مقام الأصل فأخذ حكمه . .

التالي السابق


[ فروع ]

أسر العدو عبدا ثم أسلموا فهو لهم ; لأنه مال أسلموا عليه ، ولو كان ذلك العبد جنى جناية أو أتلف متاعا فلزمه قيمته بطلت الجناية ، ولزم الدين ; لأن حق ولي الجناية في رقبته ولا يبقى بعد زوال ملك المولى ; ألا ترى أنه لو زال ملكه بالبيع أو الهبة لا يبقى فيه حق ولي الجناية ، فأما الدين ففي ذمته فلا يبطل عنه بتبدل الملك ، وهذا لأن الدين شاغل لماليته فإنما ملكه مشغولا به .

فلو اشتراه رجل منهم أو أصابه المسلمون في غنيمة : أي ولم يسلم مولاه فأخذه المولى بالقيمة أو الثمن فإن الجناية لا تبطل عنه ; لأنه يعيده إلى قديم ملكه ، وحق ولي الجناية كان ثابتا في قديم ملكه ، ولو كانت الجناية قتل عمد لم تبطل عنه بحال ( قوله وإذا خرج المسلمون من دار الحرب لم يجز أن يعلفوا من الغنيمة ولا يأكلوا منها لأن الضرورة اندفعت ، والإباحة ) التي كانت في دار الحرب إنما كانت ( باعتبارها ، ولأن الحق قد تأكد حتى يورث نصيبه ، ولا كذلك قبل الإخراج ، ومن فضل معه طعام أو علف يرده إلى الغنيمة معناه إذا لم يكن قسم ) الغنيمة في دار الحرب بشرطه ، ولو انتفع به قبل قسمتها بعد الإحراز يرد قيمته وهو قول مالك وأحمد والشافعي في قول ( وعنه أنه لا يرده اعتبارا بالمتلصص ) وهو الواحد الداخل أو [ ص: 492 ] الاثنان إلى دار الحرب إذا أخذ شيئا فأخرجه يختص به . قلنا : مال تعلق به حق الغانمين ، والاختصاص كان للحاجة وقد زالت ، بخلاف المتلصص لأنه دائما أحق به قبل الإخراج وبعده ، وأما بعد القسمة فيتصدقون بعينه إن كان قائما وبقيمته إن كانوا باعوه .

هذا إن كانوا أغنياء ، وإن كانوا محاويج فقراء انتفعوا به إن كان قائما ( لأنه صار في حكم اللقطة لتعذر الرد على الغانمين ) لتفرقهم ، وإن كانوا تصرفوا فلا شيء عليهم ، وعلى هذا قيمة ما انتفع به بعد الإحراز يتصدق بها الغني لا الفقير ( لقيام القيمة مقام الأصل ) وأخذها حكمه .




الخدمات العلمية