الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والتشهد التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي إلخ ) وهذا تشهد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه [ ص: 313 ] فإنه قال { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وعلمني التشهد كما كان يعلمني سورة من القرآن وقال : قل التحيات لله } إلخ ، والأخذ بهذا أولى من الأخذ بتشهد ابن عباس رضي الله عنهما وهو قوله التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا إلخ ، [ ص: 314 ] لأن فيه الأمر ، وأقله الاستحباب ، والألف واللام وهما للاستغراق ، وزيادة الواو وهي لتجديد الكلام كما في القسم وتأكيد التعليم [ ص: 315 ] ( ولا يزيد على هذا في القعدة الأولى ) { لقول ابن مسعود علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة وآخرها ، فإذا كان وسط الصلاة نهض إذا فرغ من التشهد وإذا كان آخر الصلاة دعا لنفسه بما شاء } .

التالي السابق


( قوله لأن فيه الأمر إلخ ) روى الستة ، واللفظ لمسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه { علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن فقال : إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله والصلوات إلخ } وفي لفظ النسائي { إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا فهذا هو الأمر المعروف } رواية ( قوله والألف واللام ) هي في رواية مسلم وأبي داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ورواية الترمذي والنسائي عنه بالتنكير ، وأصحاب الشافعي في العمل على هذه الرواية فصح الترجيح على ما ذهبوا إليه .

وأما زيادة الواو فليست في تشهد ابن عباس في جميع الروايات ( قوله وتأكيد التعليم ) يعني به أخذه بيده لزيادة التوكيد ليس في تشهد ابن عباس أما نفس التعليم ففي تشهد ابن عباس رضي الله عنه ، فإن لفظه { كان صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ، فكان يقول التحيات لله } فقول الزيلعي في التخريج : وأما التعليم أيضا فهو في تشهد ابن عباس دفعا لهذا الوجه من الترجيح ليس بوارد .

ومن وجوه الترجيح أيضا أن الأئمة الستة اتفقوا عليه لفظا ومعنى وهو نادر ، وتشهد ابن عباس رضي الله عنه معدود في أفراد مسلم وإن رواه غير البخاري من الستة ، وأعلى درجات الصحيح عندهم ما اتفق عليه الشيخان ولو في أصله ، فكيف إذا اتفقا على لفظه ، ولذا أجمع العلماء على أنه أصح حديث في الباب .

قال الترمذي : أصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد حديث ابن مسعود ، والعمل عليه عند أكثر الصحابة والتابعين . ثم أخرج عن خصيف [ ص: 315 ] قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقلت له : إن الناس قد اختلفوا في التشهد ، فقال : عليك بتشهد ابن مسعود .

وكقول الترمذي قال الخطابي وابن المنذر ، وممن وافق ابن مسعود على رفعه معاوية ، أخرج الطبراني عنه : { كان يعلم الناس التشهد وهو على المنبر عنه صلى الله عليه وسلم : التحيات لله والصلوات } إلخ سواء . وعائشة في سنن البيهقي عنها قالت : { هذا تشهد النبي صلى الله عليه وسلم : التحيات لله والصلوات } إلخ . قال النووي إسناده جيد ، واستفدنا منه أن تشهده صلى الله عليه وسلم بلفظ تشهدنا . وسلمان روى الطبراني والبزار عن أبي راشد قال : سألت سلمان عن التشهد فقال : أعلمكم كما علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم : التحيات لله والصلوات إلخ سواء . قال أبو حنيفة رضي الله عنه : أخذ حماد بن سلمان بيدي وعلمني التشهد ، وقال حماد : أخذ إبراهيم بيدي وعلمني التشهد ، وقال إبراهيم : أخذ علقمة بيدي وعلمني التشهد ، وقال علقمة أخذ عبد الله بن مسعود بيدي وعلمني التشهد ، وقال عبد الله : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وعلمني التشهد كما يعلمني السورة من القرآن ، وكان يأخذ علينا بالواو والألف واللام ( قوله لقول ابن مسعود علمني ) روى الإمام أحمد عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة وفي آخرها على وركه اليسرى : التحيات لله : إلى قوله : عبده ورسوله } .

قال : ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده ، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم ، وأحاديث الدعاء بعد التشهد في آخر الصلاة كثيرة شهيرة في الصحيحين وغيرهما




الخدمات العلمية