الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال أودع بعضه ذميا وبعضه حربيا وبعضه مسلما فأسلم هاهنا ثم ظهر على الدار فذلك كله فيء ) [ ص: 27 ] أما المرأة وأولاده الكبار فظاهر ; لأنهم حربيون كبار وليسوا بأتباع ، وكذلك ما في بطنها لو كانت حاملا لما قلنا من قبل . وأما أولاده الصغار فلأن الصغير إنما يصير مسلما تبعا لإسلام أبيه إذا كان في يده وتحت ولايته ، ومع تباين الدارين لا يتحقق ذلك ، وكذا أمواله لا تصير محرزة بإحرازه نفسه لاختلاف الدارين فبقي الكل فيئا وغنيمة ( وإن أسلم في دار الحرب ثم جاء فظهر على الدار فأولاده الصغار أحرار مسلمون ) تبعا لأبيهم ; لأنهم كانوا تحت ولايته حين أسلم إذ الدار واحدة ( وما كان من مال أودعه مسلما أو ذميا فهو له ) ; لأنه في يد محترمة ويده كيده ( وما سوى ذلك فيء ) أما المرأة وأولاده الكبار فلما قلنا . وأما المال الذي في يد الحربى ; فلأنه لم يصر معصوما ; لأن يد الحربي ليست يدا محترمة .

التالي السابق


( قوله : وإذا دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب ، وأولاد صغار وكبار ومال أودع بعضه ذميا وبعضه حربيا وبعضه مسلما فأسلم هنا ) أي في دار الإسلام ( ثم ظهر ) على البناء للمفعول ( على دارهم فذلك كله فيء . [ ص: 27 ] أما المرأة والأولاد الكبار فإنهم حربيون وليسوا بأتباع ) للذي خرج ; لأنهم كبار ( وكذا ما في بطنها لو كانت حاملا ) يكون فيئا مرقوقا ( لما قلنا ) في باب قسمة الغنائم من أنه جزؤها ( وأما أولاده الصغار فلأن الصغير إنما يصير مسلما تبعا لإسلام أبيه إذا كان في يده وتحت ولايته ، ومع تباين الدارين لا يتحقق ذلك ، وكذا أمواله لا تصير محرزة بإحرازه نفسه ) بالإسلام ( لاختلاف الدارين فبقي الكل فيئا . فأما إذا أسلم في دار الحرب ثم جاء ) .

إلينا ( فظهر على الدار ) وباقي الصورة بحالها . ( فأولاده الصغار أحرار مسلمون تبعا لأبيهم ; لأنهم كانوا تحت ولايته حين أسلم ) ولو كان في بلدة أخرى غير البلدة التي هم فيهما ( إذ الدار واحدة ، وما كان له من مال أودعه مسلما أو ذميا فهو سالم له ; لأنه في يد محترمة ويده كيده ) ; لأنه نائب عنه في الحفظ ، بخلاف ما لو كان في يدهما غصبا فإنه يكون فيئا لعدم النيابة . وعند أبي يوسف ومحمد يجب أن لا يكون فيئا إلا ما كان من غصب عند حربي وهو قول الأئمة الثلاثة ، وتقدمت هاتان المسألتان مع أخريين في باب الغنائم مستوفى .




الخدمات العلمية