الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلما فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه ) ; لأن الوارث إنما يخلفه فيه لاستغنائه ، وإذا عاد مسلما احتاج إليه فيقدم عليه ; بخلاف ما إذا أزاله الوارث عن ملكه ، وبخلاف أمهات أولاده ومدبريه ; لأن القضاء قد صح بدليل مصحح فلا ينقض ، ولو جاء مسلما قبل أن يقضي القاضي بذلك فكأنه لم يزل مسلما لما ذكرنا .

التالي السابق


( قوله : وإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه إلى دار الإسلام مسلما فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه ) نقدا أو عرضا ( أخذه ; لأن الوارث إنما يخلفه فيه لاستغنائه ) عنه بالموت المحكوم به ( وإذا عاد مسلما ) فقد أحياه الله تعالى حياة جديدة . ولذا قلنا في المرتدة المتزوجة إذا لحقت وعادت مسلمة عن قريب تتزوج من ساعتها ; لأنها فارغة من النكاح والعدة كأنها حييت الآن . قال تعالى { أو من كان ميتا فأحييناه } فإذا حيي ( احتاج إليه فيقدم على الوارث ) وعلى هذا لو أحيا الله سبحانه وتعالى ميتا حقيقة وأعاده إلى دار الدنيا كان له أخذ ما في يد ورثته ( بخلاف ما أزاله الوارث عن ملكه ) سواء كان بسبب يقبل الفسخ كبيع أو هبة أو لا يقبله كعتق وتدبير واستيلاد فإنه يمضي ولا عود له فيه ولا يضمنه .

( وبخلاف أمهات أولاده ومدبريه ) لا يعودون في الرق ( لأن القضاء ) بعتقهم ( قد صح بدليل مصحح ) له وهو اللحاق مرتدا ; لأنه كالموت الحقيقي فنفذ ، والعتق بعد نفاذه لا يقبل البطلان وولاؤهم لمولاهم : أعني المرتد الذي عاد مسلما ، هذا إذا جاء مسلما بعد الحكم باللحاق ، فلو جاء مسلما قبل الحكم باللحاق ( فكأنه لم يزل مسلما ) كأنه لم يرتد قط ( لما ذكرنا ) [ ص: 86 ] من أنه لا يستقر لحاقه إلا بالقضاء ، وما لم يستقر لا يورث فتكون أمهات أولاده ومدبروه على حالهم أرقاء ، وما كان عليه من الديون المؤجلة لا تحل بل تكون إلى أجلها ; لعدم تقرر الموت . وصار كالعبد إذا أبق بعد البيع قبل القبض ثم عاد ، إن كان بعد القضاء بالفسخ لا يبطل القضاء بالفسخ ، وإن عاد قبله جعل الإباق كأن لم يكن .




الخدمات العلمية