الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 177 ] ( ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح ) . وقال زفر والشافعي : لا تجوز لأن التفاضل فيه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن ، فإن المال إذا كان نصفين والربح أثلاثا فصاحب الزيادة يستحقها بلا ضمان ، إذ الضمان بقدر رأس المال ، ولأن الشركة عندهما في الربح للشركة في الأصل ، ولهذا يشترطان الخلط ، فصار ربح المال بمنزلة نماء الأعيان فيستحق بقدر الملك في الأصل . ولنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم { الربح على ما شرطا ، والوضيعة على قدر المالين } ولم يفصل ، ولأن الربح كما يستحق بالمال يستحق بالعمل كما في المضاربة ; وقد يكون أحدهما أحذق وأهدى وأكثر عملا وأقوى فلا يرضى بالمساواة فمست الحاجة إلى التفاضل ، بخلاف اشتراط جميع الربح لأحدهما لأنه يخرج العقد به من الشركة ومن المضاربة أيضا إلى قرض باشتراطه للعامل أو إلى بضاعة باشتراطه لرب المال ، وهذا العقد يشبه المضاربة من حيث إنه يعمل [ ص: 178 ] في مال الشريك ، ويشبه الشركة اسما وعملا فإنهما يعملان فعملنا بشبه المضاربة .

وقلنا : يصح اشتراط الربح من غير ضمان ويشبه الشركة حتى لا تبطل باشتراط العمل عليها .

التالي السابق


( قوله ويصح أن يتساويا في رأس المال ويتفاضلا في الربح ) وعكسه بأن يتفاضلا في رأس المال ويتساويان في الربح وهو قول أحمد .

وقال مالك والشافعي وزفر : لا يجوز . وقوله ويتفاضلا إلخ ليس على إطلاقه ، بل ذلك فيما إذا شرطا العمل عليهما سواء عمل أو عمل أحدهما ، أو شرطاه على من شرط له زيادة الربح ، وإن شرطا العمل على أقلهما ربحا لا يجوز .

وجه قول الثلاثة أن ذلك يؤدي إلى ربح ما لم يضمن ; لأن استحقاق أحدهما لتلك الزيادة بلا ضمان ; لأن الضمان بقدر رأس المال ، وصار كالوضيعة فإنها لا تكون إلا على قدر رأس المال اعتبار للربح بالخسران ( ولنا ) ما ذكر المشايخ من ( قوله صلى الله عليه وسلم { الربح على ما شرطا ، والوضيعة على قدر المالين } ) ولم يعرف في كتب الحديث ، وبعض المشايخ ينسبه إلى علي رضي الله عنه ( ولأن الربح كما يستحق بالمال يستحق بالعمل كما في المضاربة ، وقد يكون أحدهما أحذق وأكثر عملا وأقوى فلا يرضى بالمساواة فمست الحاجة إلى التفاضل ، و ) رأينا ( هذا العقد ) أي شركة العنان ( يشبه المضاربة من حيث إنه يعمل [ ص: 178 ] في مال ) غيره وهو ( الشريك ) ويستربح به ( ويشبه شركة المفاوضة اسما وعملا فإنهما يعملان فعملنا بشبه المضاربة ) في اشتراط الزيادة لأحدهما ، وهو الذي شرط عمله منفردا أو مع الآخر وإن كان ربحا بلا ضمان ، ويشبه المفاوضة حتى أجزنا شرط العمل عليهما ، وكون المضاربة تفسد باشتراط العمل على رب المال لا يبطل اعتبار شبهها الآخر الذي باعتباره أجزنا الزيادة في الربح لأحدهما ، بخلاف ما لو شرط كل الربح لأحدهما فإنه لا يجوز ; لأن العقد حينئذ يخرج عن الشركة والمضاربة أيضا إلى قرض إن شرط للعامل ، كأنه أقرضه ماله فاستحق جميع ربحه ، وإلى بضاعة إن شرط لرب المال ، إلا أنه يرد ما تقدم من أن المضاربة على خلاف القياس فلا يقاس عليها فلا يعتبر شبهها إلا أن يمنع ، ويقال بل الربح يستحق في الشرع تارة بالعمل وتارة بالمال ، والمشروط له الزيادة مشروط عمله ، وإن شرط عمل الآخر ، لكن قد يكون ذلك أحذق وأقوى إلخ




الخدمات العلمية