الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ومن جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق ، وعزله عن ملكه فله أن يبيعه ، وإن مات يورث عنه ; لأنه لم يخلص لله تعالى لبقاء حق العبد متعلقا به ، ولو كان السرداب لمصالح المسجد جاز كما في مسجد بيت المقدس . وروى الحسن عنه أنه قال : إذا جعل السفل مسجدا وعلى ظهره مسكن فهو مسجد ; لأن المسجد مما يتأبد ، وذلك يتحقق في السفل دون العلو . وعن محمد على عكس هذا ; لأن المسجد معظم ، وإذا كان فوقه مسكن أو مستغل يتعذر تعظيمه . [ ص: 235 ] وعن أبي يوسف أنه جوز في الوجهين حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل فكأنه اعتبر الضرورة .

وعن محمد أنه حين دخل الري أجاز ذلك كله لما قلنا .

التالي السابق


( قوله ومن جعل مسجدا تحته سرداب ) وهو بيت يتخذ تحت الأرض لتبريد الماء وغيره ( أو فوقه بيت ) ليس للمسجد واحد منهما فليس بمسجد ( وله بيعه ويورث عنه إذا مات ) ، ولو عزل بابه إلى الطريق ( لبقاء حق العبد متعلقا به ) والمسجد خالص لله سبحانه ليس لأحد فيه حق قال الله تعالى { وأن المساجد لله } مع العلم بأن كل شيء له فكان فائدة هذه الإضافة اختصاصه به ، وهو بانقطاع حق كل من سواه عنه وهو منتف فيما ذكر . أما إذا كان السفل مسجدا فإن لصاحب العلو حقا في السفل حتى يمنع صاحبه أن ينقب فيه كوة أو يتد فيه وتدا على قول أبي حنيفة ، وباتفاقهم لا يحدث فيه بناء ولا ما يوهن البناء إلا بإذن صاحب العلو ، وأما إذا كان العلو مسجدا فلأن أرض العلو ملك لصاحب السفل ، بخلاف ما إذا كان السرداب أو العلو موقوفا لصاحب المسجد ، فإنه يجوز إذ لا ملك فيه لأحد بل هو من تتميم مصالح المسجد فهو كسرداب مسجد بيت المقدس هذا هو ظاهر المذهب .

وروي عن أبي حنيفة أنه إذا جعل السفل [ ص: 235 ] مسجدا دون العلو جاز ; لأنه يتأبد ، بخلاف العلو ، وهذا تعليل للحكم بوجود الشرط ، فإن التأبيد شرط وهو مع المقتضى ، وإنما يثبت الحكم معهما مع عدم المانع وهو تعلق حق واحد . وعن محمد عكسه ; لأن المسجد معظم وهو تعليل بحكم الشيء وهو متوقف على وجوده ( وعن أبي يوسف أنه جوز ذلك في الأولين لما دخل بغداد ورأى ضيق الأماكن و ) كذا ( عن محمد لما دخل الري ) وهذا تعليل صحيح ; لأنه تعليل بالضرورة




الخدمات العلمية