الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن أطلق الثمن في البيع كان على غالب نقد البلد ) ; لأنه المتعارف ، وفيه التحري للجواز فيصرف إليه [ ص: 263 ] ( فإن كانت النقود مختلفة فالبيع فاسد إلا أن يبين أحدهما ) وهذا إذا كان الكل في الرواج سواء ; لأن الجهالة مفضية إلى المنازعة إلا أن ترتفع الجهالة بالبيان أو يكون أحدهما أغلب وأروج فحينئذ يصرف إليه تحريا للجواز ، وهذا إذا كانت مختلفة في المالية ، فإن كانت سواء فيها كالثنائي والثلاثي والنصرتي اليوم بسمرقند والاختلاف بين العدالي بفرغانة جاز البيع إذا أطلق اسم الدرهم ، كذا قالوا ، وينصرف إلى ما قدر به من أي نوع كان ; لأنه لا منازعة ولا اختلاف في المالية .

التالي السابق


( قوله ومن أطلق الثمن في البيع ) أي أطلقه عن ذكر الصفة بعد ذكر العدد بأن قال عشرة دراهم مثلا ( انصرف إلى غالب نقد البلد ; لأنه هو المتعارف فينصرف ) المطلق ( إليه ) فإن كان إطلاق اسم الدراهم [ ص: 263 ] في العرف يختص بها مع وجود دراهم غيرها فهو تخصيص الدراهم بالعرف القولي ، وهو من إفراد ترك الحقيقة بدلالة العرف ، وإن كان التعامل بها في الغالب كان من تركها بدلالة العادة ، وكل منهما واجب تحريا للجواز وعدم إهدار كلام العاقل ( فإن كانت النقود مختلفة ) المالية كالذهب الأشرفي والناصري بمصر لكنها في الرواج سواء ( فالبيع فاسد ) لعدم إمكان الصرف إلى أحدها بعينه دون الآخر لما فيه من التحكم عند التساوي في الرواج ، [ ص: 264 ] وإذا لم يكن الصرف إلى أحدها والحالة أنها متفاوتة المالية جاءت الجهالة المفضية إلى المنازعة ; لأن المشتري يريد دفع الأنقص مالية ، والبائع يريد دفع الأعلى فيفسد البيع ، إلا أن ترتفع الجهالة ببيان أحدهما في المجلس ويرضى الآخر لارتفاع المفسد قبل تقرره ، وصار كما لو قال الدائن لمديونه بعني هذا الثوب ببعض العشرة التي لي عليك وبعني هذا الآخر بباقي العشرة فقال نعم كان صحيحا لعدم إفضاء جهالة الثمن الأول إلى المنازعة بضم المبيع الثاني إليه إذ به يصير ثمنهما عشرة ، وهذا محمول على قبول الدائن بعد قول المديون نعم ونحوه .

وإن كانت مختلفة المالية والرواج معا فالبيع صحيح ، ويصرف إلى الأروج للوجه الذي تقدم من وجوب العمل بالعرف والعادة . وكذا إذا كانت متساوية المالية والرواج يصح البيع ويؤدي من أيها شاء ; لأنه لا فضل لأحدها فلو طلب البائع أحدها بعينه كان للمشتري أن يعطيه من الصنف الآخر ; لأن الامتناع عن قبض ما أعطاه المشتري مع أنه لا فضل للآخر عليه فليس فيه إلا التعنت .

وبهذا قلنا الدراهم والدنانير لا تتعين ، حتى لو أراه درهما اشترى به فباعه ثم حبسه وأعطاه درهما آخر جاز : يعني إذا كانا متحدي المالية والثنائي والثلاثي اسما دراهم كانت ببلادهم مختلفة المالية ، وكذا الركني والخليفتي في الذهب كان الخليفتي أفضل مالية عندهم والعدالي اسم لدراهم




الخدمات العلمية