الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما إذا بيعت الأرض وقد بذر فيها صاحبها ولم ينبت بعد لم يدخل فيه ; لأنه مودع فيها كالمتاع ، .

[ ص: 286 ] ولو نبت ولم تصر له قيمة فقد قيل لا يدخل فيه ، وقد قيل يدخل فيه ، وكأن هذا بناء على الاختلاف في جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل ، ولا يدخل الزرع والثمر بذكر الحقوق والمرافق ; لأنهما ليسا منهما . ولو قال بكل قليل وكثير هو له ومنها من حقوقها أو قال من مرافقها لم يدخلا فيه لما قلنا ، وإن لم يقل من حقوقها أو من مرافقها دخلا فيه . وأما الثمر المجذوذ والزرع المحصود فهو بمنزلة المتاع لا يدخل إلا بالتصريح به . .

التالي السابق


( قوله وأما إذا بيعت الأرض وقد بذر فيها صاحبها ولم ينبت لم يدخل ; لأنه مودع فيها كالمتاع ) هكذا أطلق المصنف ، وكذا أطلقه غير واحد ، وقيده في الذخيرة بما إذا لم يعفن ، أما إذا عفن فهو للمشتري ; لأن العفن لا يجوز بيعه على الانفراد فصار كجزء من أجزاء الأرض فيدخل في بيع الأرض . واختار الفقيه أبو الليث أنه لا يدخل بكل حال كما هو إطلاق المصنف . وفي فتاوى الفضلي كما في الذخيرة قال : ولو عفن البذر في الأرض فهو للمشتري وإلا فللبائع ، ولو سقاه المشتري حتى نبت ولم يكن عفن وقت البيع فهو للبائع والمشتري متطوع ; ولو باعها بعدما نبت ولم تصر له قيمة فقد قيل لا يدخل فيكون للبائع ، وقيل يدخل ، ولم يرجح المصنف منها شيئا ورجح في التجنيس قال فيه : قال الفقيه : لا يدخل ، والصواب أنه يدخل ، نص عليه القدوري في شرحه وفي شرح الإسبيجابي انتهى .

وقول الفقيه أبي الليث هو قول أبي القاسم . وفي فتاوى قاضي خان ، قال شيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل : هذا إذا صار الزرع متقوما : أي لا يدخل ، فإن لم يكن متقوما يدخل الزرع من غير ذكر ، قال : وإنما تعرف قيمته بأن تقوم الأرض مبذورة وغير مبذورة فإن كانت قيمتها مبذورة أكثر من قيمتها غير مبذورة علم أنه صار متقوما انتهى .

وبهذا ظهر أن حكاية اتفاق [ ص: 286 ] المشايخ على عدم الدخول مطلقا ليست واقعة بل قولان : عدم الدخول مطلقا ، والتفصيل بين أن يعفن فيدخل أو لا فلا ، وكان المناسب أن يقول : تقوم الأرض بلا ذلك الزرع وبه ، فإن زاد فالزائد قيمته ، وأما تقويمها مبذورة وغير مبذورة فإنما المناسب من يقول إذا عفن البذر يدخل ويكون للمشتري ، ويعلله بأنه لا يجوز بيعه وحده ; لأنه حينئذ ليس له قيمة . قال المصنف ( وكأن هذا ) بتشديد النون : يعني الاختلاف في دخول الزرع الذي ليست له قيمة وعدمه ( بناء على الاختلاف في جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل ) من قال : لا يجوز بيعه قال : يدخل ، ومن قال يجوز قال لا يدخل . ولا يخفى أن كلا من الاختلافين مبني على سقوط تقومه وعدمه ، فإن القول بعدم جواز بيعه وبدخوله في البيع كلاهما مبني على سقوط تقومه ، والأوجه جواز بيعه على رجاء تركه كما يجوز بيع الجحش كما ولد على رجاء حياته فينتفع به في ثاني الحال ( قوله ولا يدخل الزرع والثمر بذكر الحقوق والمرافق إلخ ) يعني إذا باع أرضا فيها زرع وشجر وعليه ثمر أو باع شجرا فقط وعليه ثمر وقال : بعتها أو اشتريتها بجميع حقوقها ومرافقها لا يدخل الزرع والثمر بذلك ; لأنهما ليسا من الحقوق والمرافق ، وكذا لو قال بكل قليل وكثير هو له فيها أو منها من حقوقها أو من مرافقها لم يدخلا أيضا لما ذكرنا بعينه ، ولو كان اقتصر على قوله بكل قليل وكثير هو له فيها أو منها أو على قوله بكل قليل فيها أو منها دخلا ، هذا في المتصل بالأرض والشجر ; أما الثمر المجذوذ والزرع المحصود فيها فلا يدخل ، ولو قال بكل قليل وكثير هو فيها ما لم ينص عليه والمجدود بدالين مهملتين ومعجمتين بمعنى واحد : أي المقطوع غير أن المهملتين هنا أولى ليناسب المحصود .




الخدمات العلمية