الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وأجرة الكيال وناقد الثمن على البائع ) أما الكيل فلا بد منه للتسليم وهو على البائع ومعنى هذا إذا بيع مكايلة ، وكذا أجرة الوزان والزراع والعداد ، وأما النقد فالمذكور رواية ابن رستم عن محمد ; لأن النقد يكون بعد التسليم ; ألا ترى أنه يكون بعد الوزن والبائع هو المحتاج إليه ليميز ما تعلق به حقه من غيره أو ليعرف المعيب ليرده .

وفي رواية ابن سماعة عنه على المشتري ; لأنه يحتاج إلى تسليم الجيد المقدر ، والجودة تعرف بالنقد كما يعرف القدر بالوزن فيكون عليه . قال ( وأجرة وزان الثمن على المشتري ) لما بينا أنه هو المحتاج إلى تسليم الثمن وبالوزن يتحقق التسليم .

التالي السابق


( قوله وأجرة الكيال ووزان المبيع وذراعه وعاده ) وإن كان البيع بشرط الكيل والوزن أو الذرع أو العد ( على البائع ) ; لأن عليه إيفاء المبيع ولا يتحقق ذلك إلا بكيله ووزنه ونحوه ; ولأن بكل من ذلك يميز ملكه عن ملك غيره ، ومعلوم أن الحاجة إلى هذه إذا باع مكايلة [ ص: 296 ] أو موازنة أو نحوه إذ لا يحتاج إلى ذلك في المجازفة ، وأجرة وزان الثمن على المشتري باتفاق الأئمة الأربعة ; لأنه يحتاج إلى تسليم الثمن وتمييزه عنه فكانت مؤنته عليه ، وأما أجرة ناقد الثمن فاختلف الرواة والمشايخ ، فروى ابن رستم عن محمد أنه على البائع ، وهو المذكور في المختصر . ووجهه أن النقد يحتاج إليه بعد التسليم وحينئذ يكون في يد البائع ، وهو المحتاج إليه لاحتياجه إلى تمييز حقه ، وهو الجياد عن غير حقه . وروى ابن سماعة عنه أنه على المشتري ، وبه كان يفتي الصدر الشهيد ; لأنه يحتاج إلى تسليم الجيد وتعرفه بالنقد كما يعرف المقدار بالوزن فكان هو المحتاج إليه . وعن محمد أجرة النقد على من عليه الدين كما في الثمن أنه على المشتري إلا إذا قبض الدين ثم ادعى عدم النقد فالأجرة على رب الدين . وفي الخلاصة : الصحيح أنه على المشتري ، وكذا قال القدوري إنه على المشتري إلا إذا قبض البائع الثمن ثم جاء يرده بعيب الزيافة ، قال : واختاره في الواقعات أنه على المشتري . وفي الباب العين لو اشترى حنطة مكايلة فالكيل على البائع وصبها في وعاء المشتري على البائع أيضا هو المختار . وفي المنتقى : إخراج الطعام من السفن على المشتري ، ولو اشترى حنطة في سنبلها فعلى البائع تخليصها بالدرس والتذرية ودفعها إلى المشتري وهو المختار وقطع العنب المشترى جزافا على المشتري ، وكذا كل شيء باعه جزافا كالثوم والبصل والجزر إذا خلى بينها وبين المشتري ، وكذا قطع الثمر : يعني إذا خلى البائع بينها وبين المشتري ، الكل من الخلاصة .




الخدمات العلمية