الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يجوز للرجال أن ) ( يقتدوا بامرأة وصبي ) أما المرأة فلقوله عليه الصلاة والسلام { أخروهن من حيث أخرهن الله فلا يجوز تقديمها } وأما الصبي فلأنه متنفل فلا يجوز اقتداء المفترض به . وفي التراويح والسنن المطلقة جوزه مشايخ بلخ ، ولم يجوزه مشايخنا رحمهم الله ، ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق بين أبي يوسف ومحمد [ ص: 358 ] والمختار أنه لا يجوز في الصلوات كلها لأن نفل الصبي دون نفل البالغ حيث لا يلزمه القضاء بالإفساد بالإجماع ، ولا يبني القوي على الضعيف ، بخلاف المظنون لأنه مجتهد فيه فاعتبر العارض عدما . وبخلاف اقتداء الصبي بالصبي لأن الصلاة متحدة .

التالي السابق


( قوله فلقوله صلى الله عليه وسلم " أخروهن إلخ " ) سنتكلم عليه في مسألة المحاذاة إن شاء الله تعالى ( قوله : والسنن المطلقة ) أي الرواتب وصلاة العيد على إحدى الروايتين والوتر عندهما والكسوفين والاستسقاء عندهما ( قوله جوزه مشايخ بلخ ) قياسا على المظنون ، ولم يجوزه [ ص: 358 ] مشايخنا البخاريون وقالوا : لا يجوز عندهم ، ومنهم من حقق الخلاف بين أبي يوسف ومحمد في النفل المطلق فقالوا إنه لا يجوز بلا خلاف بين أصحابنا في السنن ، وكذا في النفل المطلق عند أبي يوسف ، ويجوز فيه عند محمد ، والمختار قول أبي يوسف ( قوله ولا يبنى القوي على الضعيف ) قد يقال ذلك في الحسي ، أما البناء الحكمي فلا ، بل المانع فيه عدم المبني عليه كما في الفرض على النفل لانتفاء وصف الفرضية في المبني عليه ، وقد يجاب بأن ذلك أيضا ثابت هنا ، فإن نفل البالغ يصير واجب الإتمام ، وهذا الوجوب منعدم في نفل الصبي . فإن قيل : فعلى هذا ينبغي جواز المظنون خلف ظهر الصبي . فالجواب هو غير محفوظ الرواية . ولنا أن نمنعه بناء على الفساد في زعم المقتدي فإنه حال الشروع بظن الوجوب ويعلم انتفاء من ظهر الصبي ( قوله بخلاف المظنون ) وهو المؤدي على ظن قيام وجوبه إذا ظهر بعد إفساده عدم وجوبه بظهور أنه كان أداه فإنه لا يجب قضاؤه . ومع هذا صح بناء نفل البالغ عليه فقد بنى المظنون على غير المظنون . أجاب بأنه مجتهد فيه ، إذ عند زفر يجب القضاء على الظان إذا أفسد المظنون قاسه على المتفق عليه من الإحرام بنسك مظنون فإنه مضمون حتى إذا ظهر له أن لا نسك عليه كان إحرامه لازما للنفل ، والصدقة المظنون وجوبها إذا تبين أن لا شيء عليه ليس له أن يستردها من الفقير . والجواب الفرق بالعلم بفرق الشرع فإنه ظهر منه أن لا يخرج من إحرامه ولو عرضت ضرورة توجب رفضه إلا بأفعال أو دم ثم قضاء أصله من أحصر واضطر إلى ذلك أو فاته الحج لم يتمكن شرعا من الخروج بلا لزوم شيء ثم القضاء ; وأما الصدقة فإن الدفع على ذلك الظن يوجب أمرين : سقوط الواجب ، وثبوت الثواب ، فإذا كان الواجب منتفيا في نفس الأمر ثبت الآخر لأنه دفعه تقربا إلى الله تعالى يطلب به ثوابه وقد حصل ، وثبت الملك بواسطة ذلك للفقير فلا يتمكن من رفعه ، بخلاف من دفع لقضاء دين بظنه ولا دين فإنه لم يثبت فيه ملك المدفوع إليه فكان بسبيل من أن يسترده ، وأما الصلاة فقد ثبت شرعا قبول ما هو منها للرفض إجماعا كما في زيادة ما دون الركعة وتمام الركعة أيضا على الخلاف فلم يلزم لزومهما إذا ظهر عدم وجوبها ، والحال أنه لم يفعلها إلا مسقطا والله سبحانه وتعالى أعلم . وسقوط الضمان عندنا بعارض الظن والأصل في نفل البالغ الضمان ، والعارض لا يعارض الأصل [ ص: 359 ] فاعتبر عارض الظن عدما في حق المقتدي فاتحد حالهما فكان اقتداء المظنون بالمظنون نظرا إلى الأصل ، وسقوط الوصف هنا بأمر أصلي وهو الصبا فلم يصح جعله معدوما في حق المقتدي فلم يتحد حالهما كذا في الكافي . وما نقل من المحسن من أن اختلافهم راجع إلى أن صلاة الصبي صلاة أم لا . فقيل لا ، وإنما يؤمر بها تخلقا دل عليه لو صلت المراهقة بغير قناع جازت ، وقيل نعم دل عليه لو قهقهت فيها أمرت بالوضوء فيه نظر ، بل لو اتفق على أنها صلاة صح الخلاف ، فإن دليل المانع يتناولها بتقدير كونها صلاة ، نعم لو اتفق على أنها ليست صلاة لم يتأت ، الخلاف في عدم الجواز




الخدمات العلمية