الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 34 ] قال ( ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضلا ) ومراده لحم الإبل والبقر والغنم ; فأما البقر والجواميس جنس واحد ، وكذا المعز مع الضأن وكذا مع العراب البخاتي .

قال ( وكذلك ألبان البقر والغنم ) وعن الشافعي رحمه الله لا يجوز لأنها جنس واحد لاتحاد المقصود .

ولنا أن الأصول مختلفة حتى لا يكمل نصاب أحدهما بالآخر في الزكاة ، [ ص: 35 ] فكذا أجزاؤها إذا لم تتبدل بالصنعة .

قال ( وكذا خل الدقل بخل العنب ) للاختلاف بين أصليهما ، فكذا بين ماءيهما ولهذا كان عصيراهما جنسين .

وشعر المعز وصوف الغنم جنسان لاختلاف المقاصد .

التالي السابق


( قوله ويجوز بيع اللحوم ) جمع لحم ( المختلفة بعضها ببعض متفاضلا ومراده لحم الإبل والبقر والغنم ) لأنها أجناس مختلفة لاختلاف أصولها ولم يحدث في الجنس الواحد منها زيادة تصيره جنسين ( فأما البقر والجواميس ) ف ( جنس واحد ) لا يجوز بيع لحم البقر بلحم الجاموس متفاضلا ( وكذا المعز مع الضأن والعراب مع البخاتي ) لا يجوز بيع شيء مع الآخر متفاضلا لاتحاد الجنس ، وإنما جاز بيع لحم الجنس الواحد من الطيور كالسمان مثلا والعصافير متفاضلا لأنه ليس مال الربا إذ لا يوزن لحم الطير ولا يكال ، وينبغي أن يستثنى من لحوم الطير الدجاج والإوز لأنه يوزن في عادة ديار مصر بعظمه .

وقوله ومراده إلى آخره يحترز به عن قول مالك فإن عنده اللحوم كلها ثلاثة أجناس : الطيور جنس ، والدواب أهليها ووحشيها جنس واحد ، والبحريات ( وكذا ألبان البقر والغنم ) يجوز متفاضلا لما ذكرنا من اختلاف الجنس باختلاف الأصلين ( وعن الشافعي أن اللحوم والألبان جنس واحد لاتحاد المقصود ) من الكل وهو التغذي ، وهذا قول الشافعي غير المختار ، والصحيح من قوله أنه مثل قولنا ، ثم دفع هذا القول بأن أصولها ( مختلفة ) الأجناس [ ص: 35 ] فكذا أجزاؤها إذا لم تتبدل بالصنعة ) فإنها حينئذ تعد أجناسا ، ولهذا جاز بيع الخبز بالدقيق والسويق متفاضلا ( وكذا خل الدقل بخل العنب ) متفاضلا وكذا عصيرهما ( لاختلاف أصليهما ) جنسا ، وتخصيص الدقل وهو رديء التمر باعتبار العادة ، لأن الدقل هو الذي كان في العادة يتخذ خلا ( و ) أما ( شعر المعز وصوف الغنم ) ف ( جنسان لاختلاف المقاصد ) بخلاف لحمهما ولبنهما جعل جنسا واحدا كما ذكرنا لاتحاد الجنس مع عدم الاختلاف ، فإن ما يقصد بالشعر من الآلات غير ما يقصد بالصوف فصار ما يوجب اختلاف الأمور المتفرعة ثلاثة أشياء : اختلاف الأصول ، واختلاف المقاصد ، وزيادة الصنعة .

فإن قيل : بالنظر إلى اتحاد الأصل في الصوف والشعر لا يجوز بيعهما متفاضلا وزنا ، وبالنظر إلى المقاصد اختلف فيجوز متفاضلا فينبغي أن لا يجوز متفاضلا تغليبا للحرمة . فالجواب أن ذلك عند تعارض دليلهما وتساويهما فيرجح المحرم ، وهذا ليس كذلك فإنه لا يقاوم الصورة المعنى ، وألزم على تغليب جانب المعنى كون ألبان البقر والغنم جنسا واحدا لاتحاد المقصود . وأجيب بمنع اتحاده فإن لبن البقر يقصد للسمن ولبن الإبل لا يتأتى منه ذلك ، وكذا أغراض الآكل تتفاوت ، فإن بعض الناس لا يطيب له البقر ويتضرر به دون الضأن وكذا في الإبل .

ومن الاختلاف بالصنعة ما قدمنا من جواز بيع إناءي صفر أو حديد أحدهما أثقل من الآخر ، وكذا قمقمة بقمقمتين وإبرة بإبرتين وسيف بسيفين ودواة بدواتين ما لم يكن شيء من ذلك من أحد النقدين فيمتنع [ ص: 36 ] التفاضل وإن اصطلحوا بعد الصياغة على ترك الوزن والاقتصار على العد والصورة




الخدمات العلمية