الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ويجوز بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلا ) لأن الخبز صار عدديا أو موزونا فخرج من أن يكون مكيلا من كل وجه والحنطة مكيلة .

وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا خير فيه ، [ ص: 37 ] والفتوى على الأول ، وهذا إذا كانا نقدين ; فإن كانت الحنطة نسيئة جاز أيضا ، وإن كان الخبز نسيئة يجوز عند أبي يوسف رحمه الله ، وعليه الفتوى ، وكذا السلم في الخبز جائز في الصحيح ، ولا خير في استقراضه عددا أو وزنا عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه يتفاوت بالخبز والخباز والتنور والتقدم والتأخر .

وعند محمد رحمه الله يجوز بهما للتعامل ، وعند أبي يوسف رحمه الله يجوز وزنا ولا يجوز عددا للتفاوت في آحاده .

التالي السابق


( قوله ويجوز بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلا ) يدا بيد قيل وهو ظاهر مذهب علمائنا الثلاثة ( لأن الخبز صار ) إما ( عدديا ) في عرف ( أو موزونا ) في عرف آخر ( فخرج من أن يكون مكيلا من كل وجه والحنطة مكيلة ) فبفرض كون الجنسية جمعتهما اختلف القدر فجاز التفاضل ، والدقيق إما كيلي فكذلك أو وزني على ما عليه عرف بلادنا ، ومن جعله وزنيا لم يثبت الجنسية بينه وبين الخبز فيجوز التفاضل أيضا . وروي عن أبي حنيفة أنه لا خير فيه ، وهذه العبارة لنفي الجواز بطريق التأكيد للنكرة في النفي ، وبهذا القول قال الشافعي [ ص: 37 ] وأحمد لشبهة المجانسة ، إذ في الخبز أجزاء الدقيق ، أو أن الدقيق بعرض أن يصير خبزا فيشترط المساواة ولا يدرى ذلك .

( والفتوى على الأول ) وهو الجواز وهو اختيار المتأخرين عددا أو وزنا كيفما اصطلحوا عليه ( وهذا إذا كانا نقدين ) فأما بيعهما نسيئة ( فإن كانت الحنطة نسيئة ) أو الدقيق بأن أسلم الخبز فيهما فدفعه نقدا ( جاز أيضا ، وإن كان الخبز ) نسيئة بأن أسلم حنطة أو دقيقا في خبز لم يجز عند أبي حنيفة لأنه لا يوقف على حد له فإنه يتفاوت في الصنعة عجنا وخبزا ، وكذا عند محمد لأنه عددي عنده ويكون منه الثقيل والخفيف ( ويجوز عند أبي يوسف لأنه وزني ) أو يجوز بشرط الوزن إن كان العرف فيه العدد والنضج وحس العجن وصفات مضبوط نوعهما وخصوص ذلك القدر بعينه من العجن والنار مهدر .

واختاره المشايخ للفتوى إذا أتى بشرائطه لحاجة الناس ، لكن يجب أن يحتاط وقت القبض حتى يقبض من الجنس الذي سمي حتى لا يصير استبدالا بالمسلم فيه قبل قبضه إذا قبض متجوزا ما هو دون ما سمي صنعة ، وإذا كان كذلك فالاحتياط في منعه لأنه قل أن يقع الأخذ من النوع المسمى خصوصا فيمن يقبض المسلم فيه في أيام متعددة كل يوم كذا كذا رغيفا فقل أن لا يصير مستبدلا ( ولا خير في استقراض الخبز عند أبي حنيفة عددا أو وزنا لأنه يتفاوت بالخبز والخباز والتنور ) باعتبار كونه جديدا أو عتيقا ( والتقديم ) في التنور ( والتأخير ) عنه ويتفاوت جودة خبزه بذلك ، وإذا منع أبو حنيفة السلم فيه وباب السلم أوسع حتى جاز في الثياب ولا يجوز استقراضها فهو لاستقراضه أمنع ( وعند محمد رحمه الله يجوز بهما ) أي عددا أو وزنا ( للتعامل ) بين الجيران بذلك ، والحاجة قد تدعو إلى ذلك بين الجيران .

( وعند أبي يوسف يجوز وزنا لا عددا للتفاوت في آحاده ) ومحمد يقول : قد أهدر الجيران تفاوته وبينهم يكون اقتراضه غالبا ، والقياس يترك بالتعامل ، وجعل المتأخرون الفتوى على قول أبي يوسف ، وأنا أرى أن قول محمد أحسن




الخدمات العلمية