الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 83 ] قال ( ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما ) لأنه معلوم القدر مضبوط الوصف مقدور التسليم إذ هو غير منقطع ( ولا يجوز السلم فيه عددا ) للتفاوت . قال ( ولا خير في السلم في السمك الطري إلا في حينه وزنا معلوما وضربا معلوما ) لأنه ينقطع في زمان الشتاء ، حتى لو كان في بلد لا ينقطع يجوز مطلقا ، وإنما يجوز وزنا لا عددا لما ذكرنا .

وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز في لحم الكبار منها وهي التي تقطع اعتبارا بالسلم في اللحم عند أبي حنيفة .

التالي السابق


( قوله ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما ) بأن يقول بوري أو راي ، وفي أسماك الإسكندرية الشفش والدونيس وغيرها ( لأنه ) حينئذ ( معلوم القدر مضبوط الصفة مقدور التسليم ، ولا يجوز السلم فيه عددا للتفاوت ) في التحفة : وأما الصغار فيجوز فيه كيلا ووزنا سواء فيه الطري والمالح . وفي المغرب : سمك مليح ومملوح وهو المقدد الذي فيه الملح ، ولا يقال مالح إلا في لغة رديئة .

قال بعض الشارحين : لكن قال الشاعر :

بصرية تزوجت بصريا أطعمها المالح والطريا

ثم نقل عن بعض المشايخ وكفى بذلك حجة للفقهاء ، وظاهر هذا الاستدراك أنه ليس برديء ولم يجد سوى هذا البيت وهو لا ينافي قول المغرب إلا في لغة رديئة ، وليس لهذا الاستدراك فائدة ، بل قال ابن دريد ملح ومليح ، ولا يلتفت إلى قول الراجز

أطعمها المالح والطريا

ذاك مولد لا يؤخذ بلغته .

وأما الطري فيجوز حين وجوده وزنا أيضا ، فإذا كان ينقطع في بعض السنة كما قيل إنه ينقطع في الشتاء في بعض البلاد فلا ينعقد في الشتاء .

ولو أسلم في الصيف وجب أن يكون منتهى الأجل لا يبلغ الشتاء ، وهذا معنى قول محمد : لا خير في السلم [ ص: 84 ] في السمك الطري إلا في حينه : يعني أن يكون السلم مع شروطه في حينه كي لا ينقطع بين العقد والحلول ، وإن كان في بلد لا ينقطع جاز مطلقا وزنا لا عددا لما ذكرنا من التفاوت في آحاده .

وعن أبي حنيفة في الكبار التي تقطع كما يقطع اللحم لا يجوز السلم في لحمها اعتبارا بالسلم في اللحم فإنه يمنع السلم في اللحم . وعن أبي يوسف منع السلم في الكبار وزنا مع إجازته في اللحم فإن هناك يمكن إعلام موضع القطع الجنب أو الظهر أو الفخذ ولا يتأتى في السمك ذلك .

وطعن بعضهم على محمد في قوله في حينه لأن الاصطياد يتحقق في كل حين مدفوع ، فإن الانقطاع عدم الوجود في بعض البلاد وفي بعض السنة وهو لا يستلزم عدم الاصطياد ليرد ما ذكره




الخدمات العلمية