الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن أسلم جارية في كر حنطة وقبضها المسلم إليه ثم تقايلا فماتت في يد المشتري فعليه قيمتها يوم قبضها ، ولو تقايلا بعد [ ص: 108 ] هلاك الجارية جاز ) لأن صحة الإقالة تعتمد بقاء العقد وذلك بقيام المعقود عليه ، وفي السلم المعقود عليه إنما هو المسلم فيه فصحت الإقالة حال بقائه ، وإذا جاز ابتداء فأولى أن يبقى انتهاء ، لأن البقاء أسهل ، وإذا انفسخ العقد في المسلم فيه انفسخ في الجارية تبعا فيجب عليه ردها وقد عجز فيجب عليه رد قيمتها ( ولو اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري بطلت الإقالة ، ولو تقايلا بعد موتها فالإقالة باطلة ) لأن المعقود عليه في البيع إنما هو الجارية فلا يبقى العقد بعد هلاكها فلا تصح الإقالة ابتداء ولا تبقى انتهاء لانعدام محله ، وهذا بخلاف بيع المقايضة حيث تصح الإقالة وتبقى بعد هلاك أحد العوضين لأن كل واحد منهما مبيع فيه .

التالي السابق


( قوله ومن أسلم جارية في كر حنطة ) حاصل هذه والتي بعدها الفرق بين الإقالة في السلم والبيع بالثمن وبيع المقايضة ، ففي السلم تجوز الإقالة قبل هلاك الجارية وبعده لأن صحة الإقالة تعتمد قيام العقد وهو بقيام المبيع إلى أن يقبض ، ففي السلم المبيع قصدا هو المسلم فيه ، فهلاك الجارية وعدمه لا يعدم الدين المسلم فيه فجازت الإقالة إذا ماتت قبل الإقالة أو بعدها قبل القبض لقيام المعقود عليه وهو المسلم فيه ، وإذا جازت انفسخ في الجارية تبعا فوجب ردها وقد عجز فيرد قيمتها يوم القبض لأن السبب الموجب للضمان كان فيه فصار كالغصب ، وفيما لو كان اشترى جارية بألف درهم مثلا لا تجوز الإقالة بعد موتها وتبطل لو ماتت بعد الإقالة قبل القبض لأن الجارية هي المعقود عليه في البيع فلا تصح الإقالة بعد موتها ولا تبقى على الصحة إذا هلكت بعدها ، ولو كان البيع مقايضة بأن [ ص: 108 ] دفع الجارية في ثوب تبقى الإقالة بعد هلاكها إذا كان العرض الآخر باقيا لأن كلا منهما مبيع من وجه ( قوله ومن أسلم إلى رجل إلى آخره ) الأصل في هذه المسائل أنهما إذا اختلفا في الصحة ، فإن خرج كلام أحدهما مخرج التعنت وهو أن ينكر ما ينفعه كان باطلا اتفاقا والقول قول من يدعي الصحة ، وإن خرج مخرج الخصومة وهو أن ينكر ما يضره .

قال أبو حنيفة : القول قول من يدعي الصحة أيضا إذا اتفقا على عقد واحد وإن كان خصمه هو المنكر وقالا القول قول المنكر وإن أنكر الصحة . إذا عرف هذا جئنا إلى المسائل




الخدمات العلمية