الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( فإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو آريا وكان ذلك زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها ) ; لأن هذه زيادة متصلة . وقوله وكان ذلك زيادة فيها ; لأن الدكان قد يكون صغيرا حقيرا لا يعد زيادة أصلا ، وقد تكون [ ص: 44 ] الأرض عظيمة يعد ذلك زيادة في قطعة منها فلا يمتنع الرجوع في غيرها . قال : ( فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي ) ; لأن الامتناع بقدر المانع ( وإن لم يبع شيئا منها له أن يرجع في نصفها ) ; لأن له أن يرجع في كلها فكذا في نصفها بالطريق الأولى . قال ( وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها } ; ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل ( وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر ) ; لأن المقصود فيها الصلة كما في القرابة ، وإنما ينظر إلى هذا المقصود وقت العقد ، حتى لو تزوجها بعدما وهب لها فله الرجوع ، ولو أبانها بعدما وهب فلا رجوع .

التالي السابق


( قوله : فإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا ) قال صاحب العناية : هذا نوع من الزيادة المتصلة فكان حقها التقديم ا هـ . أقول : وجه التأخير أن المصنف كره أن يفصل بين الألفاظ المذكورة بطريق الاستثناء في مسألة مختصر القدوري يذكر مسألة مستقلة من مسائل الجامع الصغير وهي هذه المسألة ، فإن المستثنى مع المستثنى منه ككلام واحد فلا ينبغي أن يذكر بينهما كلام آخر مستقل بنفسه . وقال بعض الفضلاء في الاعتذار عنه : إلا أن المصنف قصد سرد أصول الموانع ثم التفريع على الترتيب وتأخير التعويض ; لما فيه من كثرة التفصيل . ا هـ .

أقول : ليس هذا بشيء ; لأن المصنف لو قصد سرد أصول الموانع ثم التفريع على الترتيب لما ذكر القرابة المحرمية والزوجية من أصول الموانع بين التفريعات بقوله وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه [ ص: 44 ] فلا رجوع فيها ، وبقوله وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر ، تبصر تقف . ( قوله : فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي ) أقول : قيد النصف في الكتاب بكونه غير مقسوم ، والظاهر عدم التقييد بذلك كما وقع في عامة المعتبرات ، إذ الحكم فيما إذا باع نصفها مقسوما كذلك قطعا وتخصيص الشيء بالذكر في الروايات يدل على نفي الحكم عما عداه كما صرحوا به ، وكأن وجه التقييد في الكتاب إرادة إثبات الحكم في المقسوم بالطريق الأولى ، فإنه لما صح الرجوع في الباقي فيما إذا باع نصفها غير مقسوم كان صحة الرجوع في الباقي فيما إذا باع نصفها مقسوما أولى كما لا يخفى ، وسيأتي التعرض من الشراح لنظير هذا في




الخدمات العلمية