الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 461 ] ( وإن افتتحها قائما ثم قعد من غير عذر جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ) وهذا استحسان ، وعندهما لا يجزيه ، وهو قياس لأن الشروع معتبر بالنذر . له أنه لم يباشر القيام فيما بقي ولما باشر صح بدونه ، بخلاف النذر لأنه التزمه نصا حتى لو لم ينص على القيام لا يلزمه القيام عند بعض المشايخ رحمهم الله

التالي السابق


( قوله وإن افتتحها قائما إلخ ) هنا صورتان : إحداهما افتتحها قاعدا ثم قام ، والأخرى قلبه ففي الأولى يجوز اتفاقا لما عن عائشة { أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح التطوع قاعدا فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات ونحوها قام } الحديث ، وهكذا كان يفعل في الركعة الثانية ، ومحمد رحمه الله وإن قال أن التحريمة المنعقدة للقعود لا تكون منعقدة للقيام حتى أن المريض إذا قدر على القيام في أثناء الصلاة فسدت عنده فلا يتمها قائما لم يخالف في الجواز هنا لأن تحريمة المتطوع لم تنعقد للقعود ألبتة بل للقيام لأنه أصل هو قادر عليه ثم جاز له شرعا تركه ، بخلاف المريض لأنه لم يقدر على القيام فما انعقدت إلا للمقدور ، وحديث عائشة رضي الله عنها السابق يدل على هذا الاعتبار .

ثانيتهما : افتتحها قائما ثم قعد يجوز عنده خلافا لهما ، ولا فرق بين أن يقعد في الركعة الأولى أو الثانية ، كما ينادى به هذا الإطلاق وجه قولهما وهو القياس أن الشروع معتبر بالنذر ، ومن نذر أن يصلي ركعتين قائما لم يجزه أن [ ص: 462 ] يقعد فيهما من غير عذر ، فكذا إذا شرع قائما وله أنه لم يباشر القيام فيما بقي : أي فيما قعد فيه ، ولما باشر من الصلاة بصفة القيام صحة بدون القيام ، أو لما باشر من الصلاة النافلة مطلقا صحة بدون القيام فلا يتوقف صحة المباشر بصفة القيام على القيام فيما بقي وهذه المقدمات مما يسلمانها ، ولا يفيد المقصود فإنه لم يتعرض شيء منها لنكتة الخلاف ، وهو أن الشروع بصفة القيام يلزم القيام في الكل كنذرها بصفة القيام .

فالجواب أن يجعل قوله ولما باشر من الصلاة مطلقا ما قام فيه وما لم يقم فيه صحة بدون القيام متضمنا منع كون الشروع بالقيام موجبا للقيام في الكل بناء على منع كون الشروع موجبا غير أصل ما شرع فيه بناء على منع إلحاق الشروع بالنذر مطلقا بل في إيجاب أصل الفعل ، وهذا لأن إيجاب الشروع الإتمام ليس لنفسه بل لوجوب صيانة المؤدى عن البطلان ، وهذا القدر يحصل بوجوب أصل ما شرع فيه دون خصوصية صفة إن لم تكن هي نفسها من واجبات أصل ما شرع فيه . بخلاف النذر لأنه بنفسه عامل ، ولذا اتفقوا على أنه لو نذر الحج ماشيا لزمه بصفة المشي ، ولو شرع فيه ماشيا لم يلزم كذلك ، وعلى هذا التقرير ينبغي إذا أطلق نذر الصلاة تجب بصفة القيام لأنها عبارة عن القيام والقراءة إلى آخرها فهو الركن الأصلي ، غير أنه يجوز تركه إلى القعود رخصة في النفل فلا ينصرف المطلق إلا إليه ، وهذا أحد الأقوال . وقيل هو بالخيار .

وقيل كما في الكتاب ، والحق أن القول الثاني هو ما في الكتاب بعينه فليس فيها ثلاثة أقوال كما هو ظاهر شرح الكنز إلا لو كان إيجاب القعود ولا رواية في المسألة ، وقد عرف الجواب عما تقدم من مسألة نية الأربع مع الشروع .




الخدمات العلمية