الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو لم يضح حتى مضت أيام النحر إن كان أوجب على نفسه أو كان فقيرا وقد اشترى الأضحية تصدق بها حية وإن كان غنيا تصدق بقيمة [ ص: 514 ] شاة اشترى أو لم يشتر ) لأنها واجبة على الغني .

وتجب على الفقير بالشراء بنية التضحية عندنا ، فإذا فات الوقت وجب عليه التصدق إخراجا له عن العهدة ، كالجمعة تقضى بعد فواتها ظهرا ، والصوم بعد العجز فدية

التالي السابق


( قوله ولو لم يضح حتى مضت أيام النحر ، إن كان أوجب على نفسه أو كان فقيرا وقد اشترى الأضحية تصدق بها حية ) قال في معراج الدراية : قيد الإيجاب [ ص: 514 ] على نفسه غير مفيد ، لأنه لو كان واجبا بدون الإيجاب على نفسه فالحكم كذلك انتهى . أقول : ليس ذاك بسديد ، لأن الحكم هنا هو التصدق بها حية ، وليس الحكم كذلك فيما لو كان واجبا بدون الإيجاب على نفسه ، فإن الحكم هناك هو التصدق بقيمتها لا التصدق بعينها حية كما أفصح عنه المصنف بقوله

( وإن كان غنيا تصدق بقيمة شاة أو لم يشتر )

( قوله فإذا فات الوقت وجب عليه التصدق إخراجا له عن العهدة ، كالجمعة تقضى بعد فواتها ظهرا ، والصوم بعد العجز فدية ) قال صاحب العناية في شرح هذا المحل : فإذا فات وقت التقرب بالإراقة والحق مستحق وجب التصدق بالعين أو القيمة إخراجا له عن العهدة كالجمعة تقضى بعد فواتها ظهرا ، والصوم بعد العجز فدية ، والجامع بينهما من حيث إن قضاء ما وجب عليه في الأداء بجنس خلاف جنس الأداء انتهى . ورد عليه بعض الفضلاء حيث قال قوله وجب التصدق بالعين لا يلائم الاعتبار بالجمعة والصوم ، ومراد المصنف التصدق بالقيمة للغني الغير الموجب كما لا يخفى انتهى . أقول : ذاك ساقط إذ لا نسلم أنه لا يلائم الاعتبار بالجمعة والصوم ، لأن الاعتبار بهما من حيث إن القضاء بغير المثل كما نبه عليه صاحب العناية بقوله والجامع بينهما من حيث إن قضاء ما وجب عليه في الأداء بجنس خلاف جنس الأداء ، ولا يذهب على ذي فطنة أن هذا المعنى متحقق في التصدق بالعين أيضا ، لأن الواجب عليه في الأداء إراقة الدم ، والتصدق ليس من جنس الإراقة سواء كان بالقيمة أو بالعين ، ثم إن كون مراد المصنف بالتصدق في قوله فإذا فات الوقت وجب عليه التصدق هو التصدق بالقيمة للغني الغير الموجب وحده كما زعمه ذلك البعض مما لا يناسب شأن المصنف جدا ، إذ يلزم حينئذ أن يترك بيان وجه المسألة فيما إذا كان أوجب على نفسه أو كان فقيرا وقد اشتراها بنية الأضحية فيكون ذلك تقصيرا منه في إفادة حق المقام بلا ضرورة ، وحاشى له من ذلك . فالحق أن مراده بالتصدق المذكور ما يعم التصدق بالعين وبالقيمة كما أشار إليه صاحب العناية بقوله وجب التصدق بالعين أو القيمة




الخدمات العلمية