الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن قيد الخامسة بسجدة بطل فرضه ) عندنا خلافا للشافعي لأنه استحكم شروعه في النافلة قبل إكمال أركان المكتوبة ، ومن ضرورته خروجه عن الفرض وهذا لأن الركعة بسجدة واحدة صلاة حقيقة حتى يحنث بها في يمينه لا يصلي ( وتحولت صلاته نفلا عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) خلافا [ ص: 510 ] لمحمد على ما مر ( فيضم إليها ركعة سادسة ولو لم يضم لا شيء عليه ) لأنه مظنون ، ثم إنما يبطل فرضه بوضع الجبهة عند أبي يوسف لأنه سجود كامل ، وعند محمد برفعه لأن تمام الشيء بآخره وهو الرفع ولم يصح مع الحدث [ ص: 511 ] وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا سبقه الحدث في السجود بنى عند محمد خلافا لأبي يوسف .

التالي السابق


( قوله وإن قيد الخامسة بسجدة بطل فرضه عندنا خلافا للشافعي ) له أن الحاصل على ذلك التقدير كونه صلاها بزيادة ركعة وذلك ليس بمفسد مثل زيادة ما دونها ، وذلك لما روي { أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا } قلنا اللفظ المذكور يصدق مع ترك القعدة الأخيرة ومع فعلها ، ولا دلالة للأعم على خصوص أخص فلا يدل على خصوص محل النزاع ، وهو ما إذا صلاها خمسا مع ترك القعدة فجاز كونه مع فعلها ، ثم [ ص: 510 ] بترجح ذلك حملا لفعله صلى الله عليه وسلم على ما هو الأقرب ، ولما ذكر المصنف من أن الركعة الثانية نفل ولا يتحقق الاتصاف بكونه في صلاتين متضادتي الوصفين ، فالحكم بصحتها حكم بالضرورة بخروجه عن الفريضة ، بخلاف ما دون الركعة .



( قوله على ما مر ) في قضاء الفوائت من أن بطلان وصف الفرضية لا يوجب بطلان التحريمة عندهما خلافا لمحمد ، وبناء على أصل آخر وهو ما أسلفناه من أن ترك القعدة على رأس الركعتين من النفل لا يفسدها عندهما خلافا لمحمد ، وفي تحولها نفلا يلزم ذلك فيضم إليها ركعة سادسة عندهما كي لا ينتفل بالوتر ، وهل يسجد للسهو ؟ قيل نعم ، والصحيح لا لأن النقصان بالفساد لا ينجبر بالسجود ولو لم يضم لا شيء عليه ، وإن كان الضم واجبا على ما هو ظاهر الأصل لعدم جواز التنفل بالوتر لأنه مظنون الوجوب خلافا لزفر ، واللزوم إنما يثبت شرعا بالالتزام أو إلزام الرب تعالى ابتداء ، وشروعه لم يكن لواحد من هذين بل لقصد الإسقاط ، فإذا تبين أن ليس عليه شيء سقط أصلا ، ولكن لو اقتدى به إنسان ثم قطع لزمه قضاء ست عند أبي حنيفة وأبي يوسف . فرق أبو يوسف بين هذا وبين الفصل الثاني حيث قال هناك : لو قطعها يقضي ركعتين لما نذكر فيه .



( قوله وعند محمد برفعه لأن تمام الشيء بآخره وهو الرفع ولم يصح مع الحدث ) واختاره فخر الإسلام وغيره للفتوى لأنه أرفق وأقيس ، لأن السجود لو تم قبل الرفع لم ينقضه الحدث ، لكن الاتفاق على لزوم إعادة كل ركن وجد فيه سبق الحدث عند البناء ، وعلى الاعتداد بما لحق فيه الإمام المأموم إذا سبقه المأموم في ابتدائه خلافا لزفر في هذا [ ص: 511 ] ولو كان الركن تم بمجرد وضعه لم يعتد به لأن فعل الإمام حينئذ بعد تمامه ، وكل ركن أداه المقتدي قبل إمامه لا يعتد به

;


( قوله في السجود ) أي سجود الخامسة بنى : أي على الفرض : أي بسبب ذلك الحدث أمكنه إصلاح فرضه بأن يتوضأ ويأتي فيقعد يتشهد ويسلم ويسجد للسهو ، لأن الرفع حصل مع الحدث فلا يكون مكملا للسجدة ليفسد الفرض به ، وهذا ما أعني صحة البناء بسبب سبق الحدث إذا لم يتذكر في ذلك السجود أنه ترك سجدة صلبية من صلاته ، فإن تذكر ذلك فسدت اتفاقا لما سنذكر في تتمة نعقدها في السجدات إن شاء الله تعالى .

وعند أبي يوسف بمجرد الوضع فسد فرضه فلا يمكنه إصلاحه إذا سبقه الحدث فيه . وقد سئل أبو يوسف فقال : بطلت ولا يعود إليها . فأخبر بجواب محمد فقال زه صلاة فسدت يصلحها الحدث . وزه بمعجمة مكسورة بعدها هاء كلمة تعجب ، وهو هنا على وجه التهكم .

قيل قاله لغيظ لحقه من محمد بسبب ما بلغه من عيبه قوله في المسجد إذا خرب أنه لا يعود إلى ملك الواقف ولا يخرج عن كونه مسجدا وإن صار مأوى للكلاب والدواب




الخدمات العلمية