الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 53 ] ( وتجوز بمنى إذا كان الأمير أمير الحجاز ، أو كان مسافرا عندهما . وقد قال محمد : لا جمعة بمنى ) ; لأنها من القرى [ ص: 54 ] حتى لا يعيد بها . ولهما أنها تتمصر في أيام الموسم وعدم التعييد للتخفيف ، ولا جمعة بعرفات في قولهم جميعا ; لأنها قضاء وبمنى أبنية . والتقييد بالخليفة وأمير الحجاز ; لأن الولاية لهما ، أما أمير الموسم فيلي أمور الحج لا غير .

التالي السابق


( قوله : ولهما أنها ) أي منى تتمصر في الموسم لاجتماع من ينفذ الأحكام ويقيم الحدود والأسواق والسكك ، قيل فيها ثلاث سكك ، وغاية ما فيها أنه يزول تمصرها بزوال الموسم ، وذلك غير قادح في مصريتها قبله ، إذ ما من مصر إلا ويزول تمصره في الجملة ومع ذلك تقام فيه الجمعة ، وهذا يفيد أن الأولى في الذي قدمناه من قرى مصر أن لا يصح فيها إلا حال حضور المتولي ، فإذا حضر صحت وإذا ظعن امتنعت ، والله أعلم .

وعدم التعييد بمنى لا لانتفاء المصرية بل للتخفيف ، فإن الناس مشتغلون بالمناسك والعيد لازم فيها فيحصل مع إلزامه مع اشتغالهم بما هم فيه الحرج ، أما الجمعة فليست بلازمة ، بل إنما تتفق في أحيان من الزمان فلا حرج مع أنها فريضة والعيد سنة أو واجب ، وإنما اقتصر المصنف على هذا الوجه من التعليل دون التعليل بأن منى من أفنية مكة ; لأنه فاسد ; لأن بينهما فرسخين ، وتقدير الفناء بذلك غير صحيح .

قال محمد في الأصل : إذا نوى المسافر أن يقيم بمكة ومنى خمسة عشر يوما لا يصير مقيما فعلم اعتبارهما شرعا موضعين ( قوله : لأن الولاية لهما ) يعني أن ثبوت ولاية الإقامة للجمعة هو المصحح بعد كون المحل صالحا للتمصير وهو قائم في كل منهما ، والخليفة وإن كان قصد السفر للحج فالسفر إنما يرخص في الترك أنه لا يمنع صحتها ، وسيجيء أنه يجوز للمسافر أن يؤم في الجمعة ، فكذا يجوز أن يأذن في الإقامة إذا كان ممن له الإذن ، وإن كان إنما قصد الطوف في ولاياته فأظهر ; لأنه حينئذ غير مسافر حتى لا يقصر الصلاة في طوفه كالسائح ، بخلاف ما إذا كان المحل غير صالح للتمصير فلذا قالوا : إذا سافر الخليفة فليس له أن يجمع في القرى كالبراري .




الخدمات العلمية