الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 77 ] قال ( ويرفع يديه في تكبيرات العيدين ) يريد به ما سوى تكبيرتي الركوع لقوله عليه الصلاة والسلام { لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن } وذكر من جملتها تكبيرات الأعياد . وعن أبي يوسف أنه لا يرفع ، والحجة علينا ما روينا .

التالي السابق


( قوله وذكر من جملتها تكبيرات الأعياد ) تقدم الحديث في باب صفة الصلاة وليس فيه تكبيرات الأعياد . والله تعالى أعلم .

فما روي عن أبي يوسف أنه لا ترفع الأيدي فيها ولا يحتاج فيه إلى القياس على تكبيرات الجنائز . بل يكفي فيه كون المتحقق من الشرع ثبوت التكبير ، ولم يثبت الرفع فيبقى على العدم الأصلي . ويسكت بين كل تكبيرتين قدر ثلاث تسبيحات فإن المولاة توجب الاشتباه على الناس ، وإن كان من الكثرة بحيث لا يكفي في دفع الاشتباه عنهم هذا القدر فصل بأكثر أو كان يكفي لذلك أقل سكت أقل ، وليس بين التكبيرات عندنا ذكر مسنون ; لأنه لم ينقل .

وينبغي أن يقرأ في ركعتي العيد ب سبح اسم ربك الأعلى و ( هل أتاك حديث الغاشية ) . وروى أبو حنيفة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية } رواه أبو حنيفة رحمه الله مرة في العيدين فقط .



[ فروع ] أدرك الإمام راكعا يحرم ، ثم إن غلب على ظنه إدراكه في الركوع إن كبر قائما كبر قائما ثم ركع [ ص: 78 ] لأن القيام هو المحل الأصلي للتكبير ، ويكبر برأي نفسه ; لأنه مسبوق ، وهو منفرد فيما يقضي ، والذكر الفائت يقضى قبل فراغ الإمام بخلاف الفعل ، وإن خشي فوت ركوع الإمام ركع وكبر في ركوعه خلافا لأبي يوسف ، ولا يرفع يديه ; لأن الوضع على الركبتين سنة في محله ، والرفع يكون سنة لا في محله ، وإن رفع الإمام رأسه سقط عنه ما بقي من التكبير ; لأنه إن أتى به في الركوع لزم ترك المتابعة المفروضة للواجب ، والقومة ليست معتبرة بل شرعت للفصل حتى لم يصر مدركا للركعة بإدراكها فلا تكون محلا للتكبير أداء ولا قضاء ، ولو أدركه في القومة لا يقضيها فيه ; لأنه يقضي الركعة مع تكبيراتها المأموم يتبع الإمام ، وإن خالف رأيه ; لأنه بالاقتداء حكمه على نفسه فيما يجتهد فيه فلو جاوز أقوال الصحابة إن سمع منه التكبير لا يتابعه .

واختلفوا فيه ، قيل يتبعه إلى ثلاث عشرة ، وقيل إلى ست عشرة ، فإن زاد عليه فقد خرج عن حد الاجتهاد فلا يتابعه ; لتيقن خطئه كالمتابعة في المنسوخ ، وإن سمع من المبلغ كبر معه ولو زاد على ست عشرة لجواز الخطإ من المبلغ فيما سبق فلا يترك الواجب للاحتمال ، واللاحق يكبر برأي إمامه ; لأنه خلفه ، بخلاف المسبوق .



ومن دخل مع الإمام في صلاة العيد في التشهد يقضي بعد فراغ الإمام صلاة العيد بالاتفاق ، بخلاف الجمعة ; ولو قرأ الفاتحة أو بعضها فذكر أنه لم يكبر كبر وأعاد القراءة . وإن ذكر بعد ضم السورة كبر ولم يعد ; لأن القراءة تمت بالكتاب والسنة فلا يحتمل النقض ، وبخلاف ما قبله فإنها لم تتم إذ لم يتم الواجب فكأنه لم يشرع فيها فيعيدها رعاية للترتيب .



ولو سبق بركعة ورأى رأي ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ أولا ثم يقضي ثم يكبر تكبيرات العيد . وفي النوادر : يكبر أولا ; لأن ما يقضيه المسبوق أول صلاته في حق الأذكار إجماعا . وجه الظاهر أن البداءة بالتكبير يؤدي إلى الموالاة بين التكبيرات ، وهو خلاف الإجماع ، ولو بدأ بالقراءة يكون موافقا لعلي رضي الله عنه ; لأنه بدأ بالقراءة فيهما .



ولو كبر الإمام أربعا برأي ابن عباس فتحول إلى رأي ابن مسعود يدع ما بقي من التكبير ويبدأ في الثانية بالقراءة ; لأن تبدل الرأي يظهر في المستقبل ; ولو فرغ من التكبير فتحول إلى رأي علي رضي الله عنه وهو في القراءة لا يعيد التكبير ; لأن ما مضى على الصحة ; لأنه يؤدي إلى توسيط القراءة بين التكبيرات ، وهو خلاف الإجماع ، ولو كبر برأي ابن مسعود فتحول إلى رأي ابن عباس بعد ما قرأ الفاتحة كبر ما بقي وأعاد الفاتحة ، وإن تحول بعد ضم السورة لا يعيد القراءة .




الخدمات العلمية