الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
58- الملا علي القاري الحنفي شارح الشاطبية والجزرية وغيرهما :

هو علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري، الحنفي نزيل مكة وأحد صدور العلم .

ولد بهراة ورحل إلى مكة وتديرها وأخذ بها عن الأستاذ أبي الحسن البكري والسيد زكريا الحسيني والشهاب أحمد بن حجر الهيثمي والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا ، والشيخ عبد الله السندي والعلامة قطب الدين المكي وغيرهم .

واشتهر ذكره وطار صيته وألف التآليف الكثيرة المحتوية على الفوائد الجليلة منها : شرحه على المشكاة في مجلدات وهو أكبرها وأجلها ، شرح الشفاء ، شرح الشمائل ، وشرح النخبة ، وشرح الشاطبية ، وشرح الجزرية ، ولخص من القاموس مواد وسماها الناموس ، وله الأثمار الجنية في أسماء الحنفية ، وشرح ثلاثيات البخاري ، ونزهة الخاطر الفاتر في ترجمة الشيخ عبد القادر ، لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة لا سيما الشافعي وأصحابه رحمهم الله تعالى ، واعترض [ ص: 806 ] على الإمام مالك في إرسال اليد في الصلاة ، وألف في ذلك رسالة فانتدب لجوابه الشيخ محمد مكين وألف رسالة جوابا له في جميع ما قاله ورد عليه اعتراضاته ، وأعجب من ذلك ما نقله عنه السيد محمد بن البرزنجي الحسيني في كتابه سواد الدين وسداد الدين في إثبات النجاة في الدرجات للوالدين أنه شرح الفقه الأكبر المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتعدى فيه طوره في الإساءة في حق الوالدين ثم إنه ما كفاه ذلك حتى ألف فيه رسالة وقال في شرحه للشفاء متبجحا ومفتخرا بذلك: إني ألفت في كفرهما رسالة فليته إذا لم يراع حق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث آذاه بذلك كان استحيا من ذكر ذلك في شرح الشفاء الموضوع لبيان شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد عاب الناس على صاحب الشفاء ذكره فيه عدم مفروضية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وادعى تفرد الشافعي بذلك بأن هذه المسألة ليست من موضوع كتابه، وقد قيض الله تعالى الإمام عبد القادر الطبري للرد على القاري فألف رسالة أغلظ فيها في الرد عليه وبالجملة فقد صدر منه أمثال لما ذكر كان غنيا عن أن تصدر منه ولولاها لاشتهرت مؤلفاته بحيث ملأت الدنيا لكثرة فائدتها وحسن انسجامها . وكانت وفاته بمكة المكرمة في شوال سنة 1014 هـ ألف وأربع عشرة ودفن بالمعلاة رحمه الله تعالى وتجاوز عنه .

انتهى مختصرا من كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الجزء الثالث ص (185 - 186) تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية