الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ليس البر [ 177 ] .

                                                                                                                                                                                                                                        اسم ليس ، والخبر ( أن تولوا ) . وقرأ الكوفيون : ( ليس البر أن تولوا ) جعلوا " أن " في موضع رفع ، والأول بغير تقديم ولا تأخير ، وفي قراءة أبي وابن مسعود : ( ليس البر بأن تولوا ) فلا يجوز في البر هاهنا إلا الرفع . ولكن البر وقرأ الكوفيون : ( ولكن البر ) رفع بالابتداء من آمن بالله الخبر ، وفيه ثلاثة أقوال : يكون التقدير : ولكن البر بر من آمن بالله ، ثم حذف ، كما قال :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 280 ]

                                                                                                                                                                                                                                        فإنما هي إقبال وإدبار



                                                                                                                                                                                                                                        أي ذات إقبال . ويجوز أن يكون التقدير : ولكن ذو البر من آمن بالله . ويجوز أن يكون البر بمعنى البار والبر كما يقال : رجل عدل . وفي الآية إشكال من جهة الإعراب ؛ لأن بعد هذا والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فيه خمسة أقوال : يكون " والموفون " رفعا عطفا على " من " ، و " الصابرين " على المدح ، أي : وأعني الصابرين ، ويكون " والموفون " رفعا بمعنى : وهم الموفون مدحا للمضمرين ، " والصابرين " عطفا على ذوي القربى ، ويكون " والموفون " رفعا على : وهم الموفون ، والصابرين بمعنى وأعني الصابرين ، فهذه ثلاثة أجوبة لا مطعن فيها من جهة الإعراب موجودة في كلام العرب ، وأنشد سيبويه :


                                                                                                                                                                                                                                        لا يبعدن قومي الذين هم     سم العداة وآفة الجزر
                                                                                                                                                                                                                                        .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 281 ] النازلين بكل معترك     والطيبون معاقد الأزر



                                                                                                                                                                                                                                        وإن شئت قلت : النازلون والطيبين . وإن شئت رفعتهما جميعا ، ويجوز نصبهما . قال الكسائي : يجوز أن يكون " والموفون " نسقا على " من " و " الصابرين " نسقا على " ذوي القربى " . قال أبو جعفر : وهذا القول خطأ وغلط بين لأنك إذا نصبت " والصابرين " ونسقته على " ذوي القربى " دخل في صلة " من " فقد نسقت على " من " من قبل أن تتم الصلة ، وفرقت بين الصلة والموصول بالمعطوف . والجواب الخامس : أن يكون " والموفون " عطفا على المضمر الذي في " آمن " ( الصابرين ) عطفا على " ذوي القربى " . قال الكسائي : وفي قراءة عبد الله : ( والموفين والصابرين ) قال أبو جعفر : يكونان منسوقين على " ذوي القربى " وعلى المدح . قال الفراء : وفي قراءة عبد الله في " النساء " : " والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية