الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب [4]

                                                                                                                                                                                                                                        مصدر . أي فاضربوا الرقاب ضربا ، وقيل : هو على الإغراء "هذا قول الفراء " . ( حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ) أي لئلا يهربوا أو يلحقكم منهم مكروه . والإثخان المبالغة بالضرب مشتق من قولهم : شيء ثخين أي متكاثف . ( فإما منا بعد وإما فداء ) مصدران وحذف الفعل لدلالة المصدر عليه ولأنه أمر . والفداء يمد ويقصر عند البصريين . وأما الفراء فحكى أنه ممدود إذا كسر أوله ومقصور إذا فتح أوله وحكى : قم فدى لك . ( حتى تضع الحرب أوزارها ) أهل التفسير على أن المعنى حتى يزول الشرك والضمير عند الفراء يحتمل معنيين : أحدهما حتى تضع الحرب أوزارها أي آثامهم ، والمعنى الآخر أن يعود على الحرب نفسها . قال أبو جعفر : الحرب في كلام العرب مؤنثة ، ويصغرونها بغير هاء فيقولون : حريب ، ومثلها قوس وذود يصغران بغير هاء سماعا من العرب ( ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ) "ذلك" في موضع رفع أي الأمر ذلك أنه لو شاء الله لانتصر منهم ، ولكنه أراد أن يثيب المؤمنين ، وكانت الحكمة في ذلك ليقع الثواب [ ص: 180 ] والعقاب . وقد بين ذلك جل وعز بقوله ( ولكن ليبلو بعضكم ببعض ) ( والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم) هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي ، وقرأ عاصم الجحدري ( والذين قتلوا في سبيل الله) وقرأ أبو عمرو والأعرج ( قتلوا) وعن الحسن أنه قرأ ( قتلوا) مشددة . قال أبو جعفر : والقراءة الأولى عليها حجة الجماعة ، وهي أبين في المعنى وقد زعم بعض أهل اللغة أنه يختار أن يقرأ "قاتلوا" لأنه إذا قرأ "قتلوا" لم يكن الثواب إلا لمن قتل ، وإذا قرأ قتلوا لم يكن الثواب إلا لمن قتل ، وإذا قرأ "قاتلوا" عم الجماعة بالثواب . وهذه لعمري احتجاج حسن ، غير أن أهل النظر يقولون : إذا قرئ الحرف على وجوه فهو بمنزلة آيات كل واحدة تفيد معنى ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "أوتيت جوامع الكلم" .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية