الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله [ 157 ] .

                                                                                                                                                                                                                                        كسرت " إن " لأنها مبتدأة بعد القول ، وفتحها لغة . رسول الله بدل ، وإن شئت على معنى أعني وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم رويت روايات في التشبيه الذي كان ، منها : أن رؤساءهم لما فقدوا المسيح ؛ أخذوا رجلا فقتلوه ، ولبسوه ثيابا مثل ثياب المسيح ، وصلبوه على خشبة مرتفعة ، ومنعوا الناس من الدنو منه ؛ لئلا يفطن بهم ، ثم دفنوه ليلا . وقيل : كان المسيح - صلى الله عليه وسلم - محبوسا عند خليفة قيصر ، فاجتمعت اليهود إليه ، فتوهم أنهم يريدون خلاصه ، فقال لهم : أنا أخليه لكم . قالوا : بل نريد قتله . فرفعه الله - جل وعز - إليه ، أي حال بينهم وبينه ، فأخذ خليفة قيصر رجلا فقتله ، وقال لهم : قد قتلته خوفا منه فهو الذي شبه عليهم ، وقد يكون آمن به وأطلقه فرفع ، وشبه عليهم بغيره ممن قد استحق القتل في حبسه ، وقد يكون امتنع من قتله لما رأى من الآيات . قال الله - جل وعز - : وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم تم الكلام ، ثم قال - جل وعز - : إلا اتباع الظن استثناء ليس من الأول ، في موضع نصب ، وقد يجوز أن يكون في موضع رفع على البدل ، أي : ما لهم به علم إلا اتباع الظن ، وأنشد سيبويه :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 503 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس



                                                                                                                                                                                                                                        وما قتلوه يقينا نعت لمصدر ، وفيه تقديران أبينهما أن التقدير قال الله - جل وعز - هذا قولا يقينا ، والقول الآخر أن يكون المعنى : وما علموه علما يقينا . وروى الأعشى ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم :

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية