الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وكأين من نبي قاتل معه ربيون ؛ تفسيرها: كم من نبي؛ وفيها لغتان جيدتان بالغتان؛ يقرأ بهما جميعا؛ يقرأ: " وكأين " ؛ بتشديد؛ و " وكائن " ؛ على وزن " فاعل " ؛ وأكثر ما جاء الشعر على هذه اللغة؛ قال جرير:


                                                                                                                                                                                                                                        وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لو أصبت هو المصابا



                                                                                                                                                                                                                                        وقال الشاعر أيضا: [ ص: 476 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وكائن رددنا عنكم من مدجج ...     يجيء أمام الألف يردى مقنعا



                                                                                                                                                                                                                                        ومثل التشديد قوله:


                                                                                                                                                                                                                                        كأين في المعاشر من أناس ...     أخوهم فوقهم وهم كرام



                                                                                                                                                                                                                                        أعلم الله - جل وعز - أن كثيرا من الأنبياء قاتل معه جماعة؛ فلم يهنوا؛ فقال الله - عز وجل -: ربيون كثير

                                                                                                                                                                                                                                        فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ؛ معنى " فما وهنوا " : فما فتروا؛ " وما ضعفوا " : وما جبنوا عن قتال عدوهم؛ ومعنى: " ما استكانوا " : ما خضعوا لعدوهم؛ وتقرأ - وهو الأكثر -: " ربيون " ؛ بكسر الراء؛ وبعضهم يقرأ: " ربيون " ؛ بضم الراء؛ وقيل في تفسير " ربيون كثير " ؛ أنهم الجماعات الكثيرة؛ وقال بعضهم: الربوة: عشرة آلاف؛ وقيل: الربيون: العلماء الأتقياء؛ الصبر على ما يصيبهم في الله - عز وجل -؛ وكلا القولين حسن جميل؛ وتقرأ: " قتل معه " ؛ و " قاتل معه " ؛ فمن قرأ " قاتل " ؛ المعنى: إنهم قاتلوا وما وهنوا في قتالهم؛ ومن قرأ " قتل " ؛ فالأجود أن يكون " قتل " ؛ للنبي - عليه السلام -؛ المعنى: " وكأين من نبي قتل؛ ومعه ربيون؛ فما وهنوا بعد قتله " ؛ لأن هؤلاء الذين وهنوا كانوا توهموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل؛ فأعلم الله - عز وجل - أن الربانيين بعد قتل نبيهم ما وهنوا؛ وجائز أن يكون " قتل " ؛ للربانيين؛ ويكون " فما وهنوا " ؛ أي: ما وهن من بقي منهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية