الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ؛ قرئت : " غير أولي الضرر " ؛ بالرفع؛ و " غير " ؛ بالنصب؛ فأما الرفع فمن جهتين؛ إحداهما أن يكون " غير " ؛ صفة للقاعدين؛ وإن كان أصلها أن تكون صفة للنكرة؛ المعنى : لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر؛ أي : لا يستوي القاعدون الأصحاء؛ والمجاهدون؛ وإن كانوا كلهم مؤمنين؛ ويجوز أن يكون " غير " ؛ رفعا على جهة الاستثناء؛ المعنى : لا يستوي القاعدون؛ والمجاهدون [ ص: 93 ] إلا أولو الضرر؛ فإنهم يساوون المجاهدين؛ لأن الذي أقعدهم عن الجهاد الضرر؛ والضرر أن يكون ضريرا؛ أو أعمى؛ أو زمنا؛ أو مريضا؛ ويروى أن ابن أم مكتوم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعلي جهاد؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " انفروا خفافا وثقالا ؛ فإما أن تكون من الخفاف؛ أو من الثقال " ؛ فأنزل الله : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز - : فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ؛ أي : وعد الجنة؛ وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ؛ ويجوز أن يكون " غير أولي الضرر " ؛ نصبا على الاستثناء من " القاعدين " ؛ المعنى : لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر؛ على أصل الاستثناء؛ النصب؛ ويجوز أن يكون " غير " ؛ منصوبا على الحال؛ المعنى : لا يستوي القاعدون في حال صحتهم؛ والمجاهدون؛ كما تقول : " جاءني زيد غير مريض " ؛ أي : جاءني زيد صحيحا؛ ويجوز جر " غير " ؛ على الصفة لـ " المؤمنين " ؛ أي : لا يستوي القاعدون من المؤمنين الأصحاء؛ والمجاهدون؛ أما الرفع والنصب فالقراءة بهما كثيرة؛ والجر وجه جيد؛ إلا أن أهل الأمصار لم يقرؤوا به؛ وإن كان وجها؛ لأن القراءة سنة متبعة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية