الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ؛ أي : باعترافهم بقتلهم إياه؛ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ؛ فإنما عذبوا؛ أو يعذبون عذاب من قتل؛ أو كان شبه لهم لأنهم قد أتوا الأمر على أنه قتل نبي؛ وجاء في التفسير أن عيسى لما أراد الله - جل ثناؤه - رفعه إليه؛ وتطهيره منهم؛ قال لأصحابه : " أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي؛ فيقتل؛ ويصلب؛ ويدخل الجنة؟ " ؛ فقال رجل منهم : " أنا " ؛ فألقي عليه شبهه؛ فقتل؛ ورفع الله عيسى إليه؛ وهذا كله غير ممتنع؛ لأنا لا نشك في أنه شبه لهم؛ وقوله : وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ؛ أي : الذين اختلفوا في قتله شاكون؛ لأن بعضهم زعم أنه إله؛ وما قتل؛ وبعضهم ذكر أنه قتل؛ وهم في ذلك شاكون؛ ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ؛ " اتباع " ؛ منصوب بالاستثناء؛ وهو استثناء ليس من الأول؛ المعنى : ما لهم به من علم؛ لكنهم يتبعون الظن؛ وإن رفع جاز؛ على أن يجعل عليهم اتباع الظن؛ كما تقول العرب : " تحيتك الضرب؛ وعتابك السيف " ؛ قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع



                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل - : وما قتلوه يقينا ؛ [ ص: 129 ] قال بعضهم : الهاء للعلم؛ المعنى : " وما قتلوا علمهم يقينا " ؛ كما تقول : " أنا أقتل الشيء علما " ؛ تأويله : إني أعلمه علما تاما؛ وقال بعضهم : " وما قتلوه " ؛ الهاء لـ " عيسى " ؛ كما قال : وما قتلوه وما صلبوه ؛ وكلا القولين جائز.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية