الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ثم زاد في الاحتجاج والبيان؛ فقال - عز وجل - : قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض ؛ [ ص: 233 ] أي : خالق السماوات والأرض؛ فإن قال قائل : فقوله : إذا السماء انفطرت ؛ معناه : انشقت؛ فكيف يكون " الفطر " ؛ في معنى " الخلق " ؛ و " الانفطار " ؛ في معنى " الانشقاق " ; فإنهما يرجعان إلى شيء واحد؛ لأن معنى " فطرهما " : خلقهما خلقا قاطعا؛ و " الانفطار " ؛ و " الفطور " : تقطع وتشقق؛ وقوله : وهو يطعم ولا يطعم ؛ ويقرأ : " ولا يطعم " ؛ والاختيار عند البصراء بالعربية : " وهو يطعم ولا يطعم " ؛ بفتح الياء في الثاني؛ قالوا : معناه : " وهو يرزق؛ ويطعم؛ ولا يأكل؛ لأنه الحي الذي ليس كمثله شيء " ؛ ومن قرأ : " ولا يطعم " ؛ فالمعنى أنه المولى الذي يرزق؛ ولا يرزق؛ كما أن بعض العبيد يرزق مولاه؛ والاختيار في " فاطر " ؛ الجر؛ لأنه من صفة الله - جل وعز -؛ والرفع والنصب جائزان على المدح لله - جل وعز -؛ والثناء عليه؛ فمن رفع فعلى إضمار " هو " ؛ المعنى : " هو فاطر السماوات والأرض؛ وهو يطعم ولا يطعم " ؛ ومن نصب فعلى معنى " اذكر " ؛ وأعني بهذا الاحتجاج عليهم؛ لأن من فطر السماوات والأرض؛ وأنشأ ما فيهما؛ وأحكم تدبيرهما؛ وأطعم من فيهما؛ فهو الذي ليس كمثله شيء.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية