الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز - : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ؛ القراءة : " فله عشر أمثالها " ؛ والمعنى : " فله عشر حسنات أمثالها " ؛ وكما يجوز " عندي خمسة أثوابا " ؛ ويجوز " فله عشر مثلها " ؛ في غير القراءة؛ فيكون " المثل " ؛ في لفظ الواحد؛ وفي معنى الجميع؛ كما قال : " إنكم إذا مثلهم " ؛ ومن قال : " أمثالها " ؛ فهو كقوله : ثم لا يكونوا أمثالكم ؛ وإنما جاء على المثل التوحيد؛ وأن يكون في معنى الجميع؛ لأنه على قدر ما يشبه به؛ تقول : " مررت بقوم مثلكم " ؛ و " بقوم أمثالكم " . [ ص: 310 ] فأما معنى الآية فإنه من غامض المعاني التي عند أهل اللغة؛ لأن المجازاة على الحسنة من الله - جل ثناؤه - بدخول الجنة شيء لا يبلغ وصف مقداره؛ فإذا قال : " عشر أمثالها " ؛ أو قال : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ؛ مع قوله : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ؛ فمعنى هذا كله أن جزاء الله - جل ثناؤه - على الحسنات على التضعيف للمثل الواحد الذي هو النهاية في التقدير في النفوس؛ ويضاعف الله ذلك بما بين عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف؛ إلى أضعاف كثيرة؛ وأجمع المفسرون على قوله : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ؛ لأن " السيئة " ؛ ههنا : الشرك بالله؛ وقالوا : " من جاء بالحسنة " ؛ هي قول : " لا إله إلا الله " ؛ وأصل الحسنات التوحيد؛ وأسوأ السيئات الكفر بالله - جل وعز.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية