الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ؛ أكثر التفسير إنما هو للمشركين؛ وقد قيل : إنها فيمن منع الزكاة من أهل القبلة؛ لأن من أدى من ماله زكاته فقد أنفق في سبيل الله ما يجب من ماله؛ وقوله : ويأبى الله إلا أن يتم نوره ؛ دخلت " إلا " ؛ ولا جحد في الكلام؛ وأنت لا تقول : " ضربت إلا زيدا " ؛ لأن الكلام غير دال على المحذوف؛ وإذا قلت : ويأبى الله إلا أن يتم نوره ؛ فالمعنى : " يأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره " ؛ وزعم بعض النحويين أن في " يأبى " ؛ طرفا من الجحد؛ والجحد؛ والتحقيق؛ ليسا بذي أطراف؛ وآلة الجحد " لا " ؛ و " ما " ؛ و " لم " ؛ و " لن " ؛ و " ليس " ؛ فهذه لا أطراف لها؛ ينطق بها على حالها؛ ولا يكون الإيجاب جحدا؛ ولو جاز هذا على أن فيه طرفا من الجحد؛ لجاز " كرهت إلا أخاك " ؛ ولا دليل ههنا على [ ص: 445 ] المكروه؛ ما هو؛ ولا من هو؛ فـ " كرهت " ؛ مثل " أبيت " ؛ إلا أن " أبيت " ؛ الحذف مستعمل معها؛ وقوله : ولا ينفقونها في سبيل الله ؛ فقال : الذهب والفضة ؛ ولم يقل : " ولا ينفقونهما في سبيل الله " ؛ فإنما جاز ذلك لأن المعنى " يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقون المكنوز في سبيل الله " ؛ ويجوز أن يكون محمولا على الأموال؛ فيكون : " ولا ينفقونها ولا ينفقون الأموال " ؛ ويجوز أن يكون " ولا ينفقونها " : " ولا ينفقون الفضة " ؛ وحذف الذهب لأنه داخل في الفضة؛ كما قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف



                                                                                                                                                                                                                                        يريد : " نحن بما عندنا راضون؛ وأنت بما عندك راض " ؛ فحذف " راضون " ؛ فكذلك يكون المعنى : " والذين يكنزون الذهب ولا ينفقونه في سبيل الله؛ والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية