الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          أمثلة على أن " النقل " لا يتصور في بعض " الاستعارة "

                          512- واعلم أن في " الاستعارة " ما لا يتصور تقدير النقل فيه البتة وذلك مثل قول لبيد :


                          وغداة ريح قد كشفت وقرة إذ أصبحت بيد الشمال زمامها



                          لا خلاف في أن " اليد " استعارة ، ثم إنك لا تستطيع أن تزعم أن لفظ

                          [ ص: 436 ]

                          " اليد " قد نقل عن شيء إلى شيء . وذلك أنه ليس المعنى على أنه شبه شيئا باليد فيمكنك أن تزعم أنه نقل لفظ اليد إليه، وإنما المعنى على أنه أراد أن يثبت للشمال في تصريفها الغداة على طبيعتها، شبه الإنسان قد أخذ الشيء بيده يقلبه ويصرفه كيف يريد . فلما أثبت لها مثل فعل الإنسان باليد استعار لها اليد . وكما لا يمكنك تقدير النقل في لفظ اليد كذلك لا يمكنك أن تجعل الاستعارة فيه من صفة اللفظ . ألا ترى أنه محال أن تقول إنه استعار لفظ اليد للشمال؟ وكذلك سبيل نظائره مما تجدهم قد أثبتوا فيه للشيء عضوا من أعضاء الإنسان من أجل إثباتهم له المعنى الذي يكون في ذلك العضو من الإنسان كبيت الحماسة :


                          إذا هزه في عظم قرن تهللت     نواجذ أفواه المنايا الضواحك



                          فإنه لما جعل " المنايا " تضحك جعل لها " الأفواه والنواجذ " التي يكون الضحك فيها وكبيت المتنبي :


                          خميس بشرق الأرض والغرب زحفه     وفي أذن الجوزاء منه زمازم



                          لما جعل الجوزاء تسمع على عادتهم في جعل النجوم تعقل ووصفهم لها بما يوصف به الأناسي أثبت لها الأذن التي بها يكون السمع من الأناسي .

                          [ ص: 437 ]

                          513- فأنت الآن لا تستطيع أن تزعم في بيت الحماسة أنه استعار لفظ " النواجذ " ولفظ " الأفواه " لأن ذلك يوجب المحال ، وهو أن يكون في المنايا شيء قد شبهه بالنواجذ، وشيء قد شبهه بالأفواه . فليس إلا أن تقول : إنه لما ادعى أن المنايا تسر وتستبشر إذا هو هز السيف، وجعلها لسرورها بذلك تضحك أراد أن يبالغ في الأمر فجعلها في صورة من يضحك حتى تبدو نواجذه من شدة السرور .

                          وكذلك لا تستطيع أن تزعم أن المتنبي قد استعار لفظ " الأذن " لأنه يوجب أن يكون في الجوزاء شيء قد أراد تشبيهه بالأذن وذلك من شنيع المحال .

                          تحقيق في معنى " الاستعارة "

                          فقد تبين من غير وجه أن " الاستعارة " إنما هي ادعاء معنى الاسم للشيء لا نقل الاسم عن الشيء . وإذا ثبت أنها ادعاء معنى الاسم للشيء علمت أن الذي قالوه من " أنها تعليق للعبارة على غير ما وضعت له في اللغة ونقل لها عما وضعت له " كلام قد تسامحوا فيه لأنه إذا كانت " الاستعارة " ادعاء معنى الاسم، لم يكن الاسم مزالا عما وضع له، بل مقرا عليه .

                          تفسير معنى " جعل " في الكلام وفي القرآن

                          515- واعلم أنك تراهم لا يمتنعون إذا تكلموا في " الاستعارة " من أن يقولوا : " إنه أراد المبالغة فجعله أسدا " بل هم يلجأون إلى القول به . وذلك صريح في أن الأصل فيها المعنى، وأنه المستعار في الحقيقة، وأن قولنا : " استعير له اسم الأسد " إشارة إلى أنه استعير له معناه، وأنه جعل إياه [ ص: 438 ] وذلك أنا لو لم نقل ذلك لم يكن لـ " جعل " هاهنا معنى لأن " جعل " لا يصلح إلا حيث يراد إثبات صفة للشيء، كقولنا : " جعلته أميرا " و " جعلته لصا " . تريد أنك أثبت له الإمارة، ونسبته إلى اللصوصية وادعيتها عليه ورميته بها .

                          وحكم " جعل " إذا تعدى إلى مفعولين حكم " صير " فكما لا تقول : “ صيرته أميرا " إلا على معنى أنك أثبت له صفة الإمارة، كذلك لا يصح أن تقول : " جعلته أسدا " إلا على معنى أنك أثبت له معاني الأسد . وأما ما تجده في بعض كلامهم من أن " جعل " يكون بمعنى " سمى " فمما تسامحوا فيه أيضا لأن المعنى معلوم وهو مثل أن تجد الرجل يقول : " أنا لا أسميه إنسانا " . وغرضه أن يقول : إني لا أثبت له المعاني التي بها كان الإنسان إنسانا . فأما أن يكون " جعل " في معنى " سمى " هكذا غفلا، فمما لا يخفى فساده . ألا ترى أنك لا تجد عاقلا يقول : " جعلته زيدا " بمعنى سميته زيدا، ولا يقال للرجل : " اجعل ابنك زيدا " بمعنى سمه زيدا و " ولد لفلان ابن فجعله عبد الله " أي سماه عبد الله . هذا ما لا يشك فيه ذو عقل إذا نظر .

                          516- وأكثر ما يكون منهم هذا التسامح، أعني قولهم : إن " جعل " يكون بمعنى " سمى " في قوله تعالى : « وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا » [ سورة الزخرف : 19 ] . [ ص: 439 ] فقد ترى في التفسير أن " جعل " يكون بمعنى " سمى " . وعلى ذاك فلا شبهة في أن ليس المعنى على مجرد التسمية، ولكن على الحقيقة التي وصفتها لك . وذاك أنهم أثبتوا للملائكة صفة الإناث واعتقدوا وجودها فيهم ، وعن هذا الاعتقاد صدر عنهم ما صدر من الاسم- أعني إطلاق اسم البنات- . وليس المعنى أنهم وضعوا لها لفظ " الإناث " ولفظ " البنات " من غير اعتقاد معنى وإثبات صفة . هذا محال .

                          517- أولا ترى إلى قوله تعالى : « أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون » [ سورة الزخرف : 19 ] فلو كانوا لم يزيدوا على إجراء الاسم على الملائكة ولم يعتقدوا إثبات صفة لما قال الله تعالى : « أشهدوا خلقهم » . هذا ولو كانوا لم يقصدوا إثبات صفة ولم يكن غير أن وضعوا اسما لا يريدون به معنى لما استحقوا إلا اليسير من الذم، ولما كان هذا القول منهم كفرا . والتفسير الصحيح والعبارة المستقيمة ما قاله أبو إسحاق الزجاج رحمه الله فإنه قال : " إن الجعل هاهنا في معنى القول والحكم على الشيء، تقول : “ قد جعلت زيدا أعلم الناس " أي وصفته بذلك وحكمت به " .

                          تعرف " الاستعارة " من طريق المعقول دون اللفظ وكذلك " الكناية "

                          518- ونرجع إلى الغرض فنقول : فإذا ثبت أن ليست " الاستعارة " نقل الاسم، ولكن ادعاء معنى الاسم - وكنا إذا عقلنا من قول الرجل : " رأيت أسدا " أنه أراد به المبالغة في وصفه بالشجاعة وأن يقول : إنه من قوة القلب، ومن فرط البسالة وشدة البطش ، وفي أن الخوف لا يخامره، والذعر لا يعرض [ ص: 440 ] له، بحيث لا ينقص عن الأسد لم نعقل ذلك من لفظ " أسد " ولكن من ادعائه معنى الأسد الذي رآه- ثبت بذلك أن " الاستعارة " كالكناية في أنك تعرف المعنى فيها من طريق المعقول دون طريق اللفظ .

                          519- وإذ قد عرفت أن طريق العلم بالمعنى في " الاستعارة " و " الكناية " معا ، المعقول، فاعلم أن حكم " التمثيل " في ذلك حكمهما، بل الأمر في التمثيل أظهر.

                          وذلك أنه ليس من عاقل يشك إذا نظر في كتاب يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد حين بلغه أنه يتلكأ في بيعته : " أما بعد فإني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيتهما شئت، والسلام " .

                          يعلم أن المعنى أنه يقول له : بلغني أنك في أمر البيعة بين رأيين مختلفين ، ترى تارة أن تبايع، وأخرى أن تمتنع من البيعة ، فإذا أتاك كتابي هذا فاعمل على أي الرأيين شئت، وأنه لم يعرف ذلك من لفظ " التقديم والتأخير " أو من لفظ " الرجل " ولكن بأن علم أنه لا معنى لتقديم الرجل [ ص: 441 ] وتأخيرها في رجل يدعى إلى البيعة ، وأن المعنى على أنه أراد أن يقول : إن مثلك في ترددك بين أن تبايع وبين أن تمتنع مثل رجل قائم ليذهب في أمر فجعلت نفسه تريه تارة أن الصواب أن يذهب وأخرى أنه في أن لا يذهب، فجعل يقدم رجلا تارة ويؤخر أخرى .

                          520- وهكذا كل كلام كان ضرب مثل لا يخفى على من له أدنى تمييز أن الأغراض التي تكون للناس في ذلك لا تعرف من الألفاظ، ولكن تكون المعاني الحاصلة من مجموع الكلام أدلة على الأغراض والمقاصد . ولو كان الذي يكون غرض المتكلم يعلم من اللفظ ما كان لقولهم : " ضرب كذا مثلا لكذا " معنى . فما اللفظ " يضرب مثلا " ولكن المعنى . فإذا قلنا في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إياكم وخضراء الدمن " إنه ضرب عليه السلام خضراء الدمن مثلا للمرأة الحسناء في منبت السوء . لم يكن المعنى أنه صلى الله عليه وسلم ضرب لفظ " خضراء الدمن " مثلا لها . هذا ما لا يظنه من به مس فضلا عن العاقل .

                          521- فقد زال الشك وارتفع في أن طريق العلم بما يراد إثباته والخبر به في هذه الأجناس الثلاثة، التي هي " الكناية " و " الاستعارة " و " التمثيل " المعقول دون اللفظ، من حيث يكون القصد بالإثبات فيها إلى معنى ليس [ ص: 442 ] هو معنى اللفظ، ولكنه معنى يستدل بمعنى اللفظ عليه، ويستنبط منه كنحو ما ترى من أن القصد في قولهم : " هو كثير رماد القدر " إلى كثرة القرى ، وأنت لا تعرف ذلك من هذا اللفظ الذي تسمعه، ولكنك تعرفه بأن تستدل عليه بمعناه، على ما مضى الشرح فيه .

                          الفصاحة وصف للكلام بمعناه لا بلفظه مجردا

                          522- وإذ قد عرفت ذلك، فينبغي أن يقال لهؤلاء الذين اعترضوا علينا في قولنا: " إن الفصاحة وصف يجب للكلام من أجل مزية تكون في معناه، وأنها لا تكون وصفا له من حيث اللفظ مجردا عن المعنى " واحتجوا بأن قالوا : " إنه لو كان الكلام إذا وصف بأنه فصيح كان ذلك من أجل مزية تكون في معناه لوجب أن يكون تفسيره فصيحا مثله " - أخبرونا عنكم، أترون أن من شأن هذه الأجناس إذا كانت في الكلام أن تكون له بها مزية توجب له الفصاحة، أم لا ترون ذلك؟

                          فإن قالوا : لا نرى ذلك - لم يكلموا .

                          وإن قالوا : نرى للكلام إذا كانت فيه، مزية توجب له الفصاحة قيل لهم : فأخبرونا عن تلك المزية، أتكون في اللفظ أم في المعنى؟ فإن قالوا : في اللفظ - دخلوا في الجهالة من حيث يلزم من ذلك أن تكون " الكناية " و " الاستعارة " و " التمثيل " أوصافا للفظ لأنه لا يتصور أن [ ص: 443 ] تكون مزيتها في اللفظ حتى تكون أوصافا له . وذلك محال من حيث يعلم كل عاقل أنه لا يكنى باللفظ عن اللفظ، وأنه إنما يكنى بالمعنى عن المعنى .

                          وكذلك يعلم أنه لا يستعار اللفظ مجردا عن المعنى، ولكن يستعار المعنى ثم اللفظ يكون تبع المعنى، على ما قدمنا الشرح فيه . ويعلم كذلك أنه محال أن يضرب " المثل " باللفظ وأن يكون قد ضرب لفظ " أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى " مثلا لتردده في أمر البيعة .

                          وإن قالوا : هي في المعنى.

                          قيل لهم : فهو ما أردناكم عليه، فدعوا الشك عنكم وانتبهوا من رقدتكم، فإنه علم ضروري قد أدى التقسيم إليه، وكل علم كان كذلك فإنه يجب القطع على كل سؤال يسأل فيه بأنه خطأ، وأن السائل ملبوس عليه .

                          كشف الغلط في فصاحة الكلام

                          523 - ثم إن الذي يعرف به وجه دخول الغلط عليهم في قولهم : " إنه لو كان الكلام يكون فصيحا من أجل مزية تكون في معناه، لوجب أن يكون تفسيره فصيحا مثله " : هو أنك إذا نظرت إلى كلامهم هذا وجدتهم كأنهم قالوا: " إنه لو كان الكلام إذا كان فيه كناية أو استعارة أو تمثيل، كان لذلك فصيحا، لوجب أن يكون إذا لم توجد فيه هذه المعاني فصيحا أيضا " ذاك لأن تفسير " الكناية " أن نتركها ونصرح بالمكني عنه فنقول : إن المعنى في قولهم : " هو كثير رماد القدر " أنه كثير القرى . وكذلك الحكم في " الاستعارة " فإن تفسيرها أن نتركها ونصرح بالتشبيه فنقول في " رأيت أسدا " : إن المعنى رأيت رجلا يساوي الأسد في الشجاعة . وكذلك الأمر في " التمثيل " لأن [ ص: 444 ] تفسيره أن نذكر المتمثل له فنقول في قوله : " أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى " : إن المعنى أنه قال : أراك تتردد في أمر البيعة ! فتقول تارة : أفعل وتارة لا أفعل كمن يريد الذهاب في وجه فتريه نفسه تارة أن الصواب في أن يذهب وأخرى أنه في أن لا يذهب، فهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى . وهذا خروج عن المعقول لأنه بمنزلة أن تقول لرجل قد نصب لوصف علة : " إن كان هذا الوصف يجب لهذه العلة، فينبغي أن يجب مع عدمها " .

                          524- ثم إن الذي استهواهم هو أنهم نظروا إلى تفسير ألفاظ اللغة بعضها ببعض . فلما رأوا اللفظ إذا فسر بلفظ، مثل أن يقال في " الشرجب " : إنه الطويل، لم يجز أن يكون في المفسر من حيث المعنى، مزية لا تكون في التفسير . ظنوا أن سبيل ما نحن فيه ذلك السبيل، وذلك غلط منهم . لأنه إنما كان للمفسر، فيما نحن فيه الفضل والمزية على التفسير من حيث كانت الدلالة في المفسر دلالة معنى على معنى، وفي التفسير دلالة لفظ على معنى. وكان من المركوز في الطباع والراسخ في غرائز العقول أنه متى أريد الدلالة على معنى، فترك أن يصرح به ويذكر باللفظ الذي هو له في اللغة، وعمد إلى معنى آخر فأشير به إليه، وجعل دليلا عليه كان للكلام بذلك حسن ومزية لا يكونان إذا لم يصنع ذلك، وذكر بلفظه صريحا .

                          [ ص: 445 ] ولا يكون هذا الذي ذكرت أنه سبب فضل المفسر على التفسير، من كون الدلالة في المفسر دلالة معنى على معنى، وفي التفسير دلالة لفظ على معنى، حتى يكون للفظ المفسر معنى معلوم يعرفه السامع، وهو غير معنى لفظ التفسير في نفسه وحقيقته، كما ترى من أن الذي هو معنى اللفظ في قولهم : " هو كثير رماد القدر " . غير الذي هو معنى اللفظ في قولهم : " هو كثير القرى ولو لم يكن كذلك لم يتصور أن يكون هاهنا دلالة معنى على معنى .

                          525-وإذ قد عرفت هذه الجملة فقد حصل لنا منها أن المفسر يكون له دلالتان : دلالة اللفظ على المعنى ودلالة المعنى الذي دل اللفظ عليه على معنى لفظ آخر . ولا يكون للتفسير إلا دلالة واحدة وهي دلالة اللفظ . وهذا الفرق هو سبب أن كان للمفسر الفضل والمزية على التفسير .

                          ومحال أن يكون هذا قضية المفسر والتفسير في ألفاظ اللغة ، ذاك لأن معنى المفسر يكون دالا مجهولا عند السامع، ومحال أن يكون للمجهول دلالة .

                          ثم إن معنى المفسر يكون هو معنى التفسير بعينه، ومحال إذا كان المعنى واحدا أن يكون للمفسر فضل على التفسير، لأن الفضل كان في مسألتنا بأن دل لفظ المفسر على معنى ثم دل معناه على معنى آخر . وذلك لا يكون مع كون المعنى واحدا ولا يتصور .

                          بيان هذا: أنه محال أن يقال إن معنى " الشرجب " الذي هو المفسر، يكون دليلا على معنى تفسيره الذي هو " الطويل " على وزان قولنا : [ ص: 446 ] إن معنى: " كثير رماد القدر " يدل على معنى تفسيره الذي هو " كثير القرى " لأمرين :

                          أحدهما : أنك لا تفسر " الشرجب " حتى يكون معناه مجهولا عند السامع، ومحال أن يكون للمجهول دلالة .

                          والثاني : أن المعنى في تفسيرنا " الشرجب " بالطويل، أن نعلم السامع أن معناه هو معنى الطويل بعينه . وإذا كان كذلك كان محالا أن يقال : إن معناه يدل على معنى الطويل، بل الذي يعقل أن يقال: إن معناه هو معنى الطويل . فاعرف ذلك.

                          527- وانظر إلى لعب الغفلة بالقوم ، وإلى ما رأوا في منامهم من الأحلام الكاذبة ! ولو أنهم تركوا الاستنامة إلى التقليد، والأخذ بالهوينا وترك النظر . وأشعروا قلوبهم أن هاهنا كلاما ينبغي أن يصغى إليه . لعلموا ولعاد إعجابهم بأنفسهم في سؤالهم هذا وفي سائر أقوالهم عجبا منها ومن تطويح الظنون بها .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية