الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 135 ] وفي النفل ، بالعمد الحرام ، ولو بطلاق بت ; إلا لوجه كوالد ، [ ص: 136 ] وشيخ وإن لم يحلفا .

التالي السابق


( و ) قضى ( في النفل ) وجوبا ( ب ) الفطر ( العمد ) ولو لسفر طرأ عليه ( الحرام ) لا بالفطر نسيانا أو إكراها ولا لحيض ونفاس أو خوف مرض أو زيادته أو شدة جوع أو عطش ويجب القضاء بالعمد الحرام ( ولو ) أفطر لحلف شخص عليه ( بطلاق بت ) أو بعتق لتفطرن فلا يجوز فطره وإن فطر لزمه قضاؤه ( إلا لوجه ) كتعلق قلب الحالف بمن حلف بطلاقها أو عتقها بحيث يخشى أن لا يتركها إن حنث فيجوز الفطر ولا يجب القضاء ويجب الإمساك بقية اليوم . وإن أفطر عمدا حراما فلا يجب الإمساك إذ عليه القضاء ، ولا حرمة للوقت . ابن عرفة الشيخ روى ابن نافع لا وجه لكف مفطره عمدا إلا لوجه .

ونقل ابن الحاجب وجوب كفه لا أعرفه . ابن غازي جاءت الرواية عن مطرف في النوادر أنه يحنث الحالف بالله عليه مطلقا وبالطلاق والعتق والمشي إلا أن يكون لذلك وجه . وأحب طاعة أبويه إن عزما على فطره ولو بغير يمين ، زاد ابن رشد رقة عليه من إدامة الصوم .

واختلف في معنى قوله إلا أن يكون لذلك وجه فقال الفقيه راشد : الوجه أن يقصد بيمينه الحنانة كأنه رد لما ذكره بعده في الأبوين ، ومنهم من قال : أن تكون يمينه آخر الثلاث فلا يحنثه ، فحمل ابن غازي الوجه في المصنف على الأول ، وجعل الإشارة بواو إلى الثاني . واختار الحط أنه أراد بالوجه ما قاله أبو الحسن ونصه لعل الوجه أن تكون الأمة التي حلف بعتقها أو المرأة التي حلف بطلاقها علق بها الحالف ويخشى أنه لا يتركها إن حنث فالوجه حينئذ الفطر ، ويكون قوله كوالد تشبيها . الحط هذا الذي يظهر من الرواية وسياقها ; لأنه في الرواية أفرد ذكر الوالدين عن الوجه فجعله مثالا كما اختاره ابن غازي خلاف الرواية .

وشبه في جواز الفطر وعدم القضاء فقال ( كوالد ) أب أو أم أمره بفطر النفل [ ص: 136 ] شفقة عليه من إدامة صومه فيجوز فطره ولا يلزم قضاؤه ومثله السيد ( وشيخ ) في الطريق أخذ على نفسه العهد أن لا يخالفه أمره بفطره كذلك فيجوز ، ولا يقضي ، وألحق به بعضهم شيخ العلم الشرعي إن حلف الوالد والشيخ بل ( وإن لم يحلفا ) أي : الوالد والشيخ على فطر الولد والمريد ، واعترض بأن العهد إنما هو في الطاعة وفطر النفل معصية .

وأجيب بأنه لما قال بعض الأئمة بجواز الفطر عمدا اختيارا في النفل تمسكا بحديث { الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام ، وإن شاء أفطر } قدم فيه نظر الشيخ ، وإن حمل على تبييت نية الفطر وترك إدامة الصيام ولا يصح حمله على إفساده بعد شروعه فيه لقوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية