الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال : يحج به لا منه ، وإلا فميراث : كوجوده بأقل ، [ ص: 216 ] أو تطوع غير ، وهل إلا أن يقول ويحج عني بكذا فحجج ؟ تأويلان ، [ ص: 217 ] ودفع المسمى ، وإن زاد على أجرته لمعين لا يرث فهم إعطاؤه له .

التالي السابق


( وقال ) الموصي في وصيته ( يحج به ) أي : الثلث ولو كثر جدا كثلاثة آلاف دينار كان الموصي صرورة أم لا ( لا ) يحج عنه حجج إن وسع وقال يحج ( منه ) فحجة واحدة لإفادة من التبعيض ( وإلا ) أي وإن لم يسع الثلث حججا أو وسع وقال يحج منه ( ف ) الزائد على حجة ( ميراث ) وشبه في إرث الزائد فقال ( كوجوده ) أي : الأجير ( بأقل ) مما سمى الموصي من مال لمن يحج عنه فالزائد عما أخذه الأجير ميراث . البناني هذا في غير الواسع وهو ما يشبه أن يحج به حجة واحدة قاله ابن عاشر ، وهو داخل [ ص: 216 ] تحت وإلا لكن صرح به للتأويلين ، هذا هو الصواب في فهم كلام المصنف كما يدل عليه كلام ابن رشد وغيره ، ولا فرق بين أن يوصي بمال معين أو بالثلث كما حمله عليه الشارح وتت ( أو تطوع غير ) بالحج عن الميت بلا أجرة فيورث ما أوصى به لمن يحج عنه ، سواء كان ثلثا أو قدرا معينا .

( وهل ) يرجع الزائد عن حجة ميراثا إذا وجد بأقل مما سماه وشأنه الصرف في حجة وجميعه إذا تطوع به أحد مطلقا سواء قيد بحجة بأن قال : يحج به عني حجة ، أو أطلق بأن قال : يحج به أو حجوا به عني ، أو يرجع ميراثا في كل حال ( إلا أن ) يطلق بأن لم يقيد بحجة و ( يقول يحج ) أو حجوا ( عني بكذا ) أي : بمائة مثلا ( ف ) يحج عنه ( حجج ) حتى ينفذ فلا يرجع الزائد عن حجة في وجوده بأقل وإلا الجميع في تطوع أحد به ميراثا في الجواب .

( تأويلان ) في المسألتين كما في الحط والخرشي وغيرهما . ويفيده كلامه في مناسكه ونصه وإن سمى قدرا حج به عنه ، فإن وجد من يحج عنه بدونه كان الفاضل ميراثا إلا أن يفهم إعطاء الجميع ، هذا إن سمى حجة وإن لم يسم فكذلك عند ابن القاسم . وقال ابن المواز يحج به حجج ، واختلف هل قوله تفسير أو خلاف والأقرب أنه خلاف . ا هـ . فقوله من يحج عنه بدونه صادق بالمتطوع به دون مال وبالحاج بأقل ، وقال ابن عرفة ولو عين عددا ليحج به عنه معين أو غيره ففيه ثلاثة أقوال : الأول للمدونة ويكون ما فضل عن حجة ميراثا . والثاني للشيخ عن محمد يكون للأجيران عينه أو قال يحج عنه به رجل ، وإن قال حجوا عني به أو يحج عني به ففي حجات والأحسن حجة واحدة . ثالثها لأشهب يكون للأجير إن عينه وإلا ففي حجات .

وقال ابن بشير اختلف المتأخرون في قول ابن المواز إذا سمي ما يعطى فذلك كله للموصى له إذا قال يحج عني بهذه الأربعين فلان أو قال رجل وأما إن قال حجوا عني [ ص: 217 ] بها أو يحج عني بها فلتنفذ كلها في حجة أو حجتين أو ثلاث ، ولو جعلت في حجة واحدة فهو أحسن هل هو تفسير لكلام ابن القاسم أو خلاف . ا هـ . ونحوه في التوضيح .

ومحل التأويلين في غير الواسع سواء كان عددا معينا كأربعين أو جزءا شائعا كثلث ، والفرق بينه وبين الواسع ما ذكره ابن رشد ، ونصه قال في العتبية في رجل أوصى أن يحج عنه بثلثه فوجد ثلاثة آلاف دينار ونحو ذلك أنه يحج عنه حتى يستوعب الثلث .

قال في البيان ; لأنه لما كان الثلث واسعا حمل على أنه لم يرد حجة واحدة ، ولو كان ثلثه بشبه أن يحج به حجة واحدة رجع ما بقي ميراثا كما قال في المدونة في مسألة الأربعين دينارا ا هـ ، ففهم أن المدار على كون المال واسعا أولا ، ولا فرق بين العدد والجزء ، وفهم الفرق بين الواسع وغيره .

( ودفع ) بضم فكسر المال ( المسمى ) بضم الميم الأولى وفتح الثانية مشددة جميعه عددا كان كأربعين أو جزءا كسدس مالي إن كان قدر أجرة الحج بل ( وإن زاد ) المسمى ( على أجرة ) مثل ( هـ ) أي : المعين وصلة دفع ( ل ) شخص ( معين ) بضم الميم وفتح العين والمثناة بالذات أو بالوصف سواء قال في حجة أو أطلق ، ونعت معين بضم ( لا يرث ) المعين الموصي بالفعل سواء كان أجنبيا أو من ذوي الأرحام كالخال ، أو عاصبا محجوبا كأخ مع ابن ، وهذا قيد في المبالغ عليه فقط .

وأما قدر الأجرة فيدفع له وإن كان وارثا فلو حذف المصنف الواو الداخلة على أن لكان أحسن ، أو تجعل للحال ويعتبر كونه وارثا أو غيره وقت تنفيذ الوصية كما يفيده قوله في بابها . أو الوارث يصير غير وارث ، وعكسه المعتبر ماله . ومفهوم لا يرث أن الوارث لا يدفع له المسمى الزائد على أجرته ونعت معين بجملة ( فهم ) بضم فكسر ( إعطاؤه ) أي الزائد على أجرته ( له ) أي : المعين فلو لم يفهم إعطاؤه له فليس له إلا أجرة مثله ، فإن امتنع من الحج بها فلا شيء له ويرجع المسمى ميراثا قاله عب . البناني فيه نظر [ ص: 218 ] لأن أقل أحواله أن يكون كما إذا عين غير وارث ، ولم يسم . وقد قال المصنف فيه زيد إن لم يرض بأجرة مثله ثلثها إلخ . وما ذكره المصنف هنا قول ابن القاسم في المدونة . وقال ابن المواز يكون الجميع للموصى له أي : فهم إعطاؤه أولا إلا أن يرضى بدونه بعد علمه بالوصية .




الخدمات العلمية