الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 124 ] ( قوله مالي في الكعبة أو بابها إن كان أراد صرفه في بنائها النذر ) ، ولا يلزم في : مالي في الكعبة ، أو بابها ، أو كل ما أكتسبه

التالي السابق


( ولا يلزم ) الوفاء ( في ) قوله ( مالي في الكعبة أو بابها ) إن كان أراد صرفه في بنائها إن نقضت أو لم يرد شيئا ، فإن أراد كسوتها وطيبها ونحوهما لزمه ثلث ماله للحجبة يصرفونه بها إن احتاجت قاله في المدونة ، ومثل الباب الحطيم وهو ما بين الباب والمقام ولابن حبيب ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام سمي بذلك لحطمه الذنوب كحطم النار الحطب ، وكما لا يلزمه نذر ما ذكر لا يلزمه شيء بدله . وروى ابن وهب عليه كفارة يمين .

( أو ) قال إن فعلت أو إن لم أفعل كذا ف ( كل ما أكتسبه ) في الكعبة أو بابها أو صدقة للفقراء ولم يقيد بزمان أو مكان وحنث فلا يلزمه شيء ، فإن قيد بأحدهما لزمه كل ما يكتسبه بعد حلفه . ابن رشد هذا القياس فإن كان في نذر ولم يقيد بزمان ، ولا بلد لزمه ثلث جميع ما يكتسبه بعد نذره وكل ما أفيده مثل ما اكتسبه في جميع ذلك وهذا في [ ص: 125 ] اليمين والنذر إذا لم يعين من يكون له ذلك ، فإن عينه لزمه الجميع لمن عينه له ، وسواء قيد في النذر بمدة أو بلد أو لا وسكت عن كل ما أملكه صدقة ، فإن أطلق لزمه ثلث ما عنده كمالي في سبيل الله ، فإن قيد بزمن أو بلد لزمه جميع ما يتجدد له في النذر . وأما في اليمين ككل ما أملكه صدقة إن فعلت كذا أو إن لم أفعله وحنث لزمه ثلثه إن أطلق لصدق ما أملكه على ما ملكه حال اليمين ، وإن قيد بوقت أو بلد لزمه جميع ما يتجدد له على أحد أقوال خمسة . ابن رشد إذا حلف بصدقة ما يفيده أو يكسبه إلى مدة ما أو في بلد فقولان . وأما إذا قال كل ما أملكه إلى كذا صدقة إن فعلت كذا ففيه خمسة أقوال من أجل أن لفظة أملك تصلح للحال والاستقبال ، فعلى تخليصه للاستقبال قولان : أحدهما لا شيء عليه ، والثاني يلزمه إخراج جميع ما يملك إلى ذلك الأجل . وعلى حمله على الحال والاستقبال معا ثلاثة أقوال : أحدها يلزمه إخراج ثلثه الساعة وجميع ما يفيد إلى الأجل ، والثاني ثلثهما ، والثالث ثلث ماله الساعة فقط . وهذا كله في اليمين .

وأما إذا نذر أن يتصدق بجميع ما يفيده أبدا فيلزمه أن يتصدق بثلث ذلك قولا واحدا وإن نذر أن يتصدق بجميع ما يفيده إلى أجل أو في بلد لزمه إخراج ذلك قولا واحدا لقوله تعالى { أوفوا بالعقود } { وأوفوا بالعهد } { وأوفوا بعهد الله } { ومنهم من عاهد الله } { يوفون بالنذر } وقوله عليه الصلاة والسلام { من نذر أن يطيع الله فليطعه } ، وإن كان لم ينص في المدونة وغيرها على التفرقة في هذا بين النذر واليمين ، والوجه حمل هذه المسائل على اليمين دون النذر ، وإنما يستويان في صدقة الرجل بجميع ما يملك من المال { لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة وقد نذر أن ينخلع من جميع ماله يجزيك الثلث من ذلك } انتهى ، وقبله ابن عبد السلام وابن عرفة وبه يفسر كلام المصنف هنا قاله ابن غازي .




الخدمات العلمية