الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 151 ] وحرم نبل سم واستعانة بمشرك إلا لخدمة ، [ ص: 152 ] وإرسال مصحف لهم ، وسفر به لأرضهم : كمرأة إلا في جيش آمن

التالي السابق


( وحرم ) بفتح الحاء وضم الراء ( نبل ) بفتح النون وسكون الموحدة اسم جمع لا واحد له من لفظه معناه السهام العربية مؤنث كذا في المصباح ( سم ) بضم السين وشد الميم ونائب فاعله ضمير النبل ، فالمناسب سمت أي جعل فيها السم القاتل أي حرم علينا رميهم بها ، والذي في النوادر كره مالك رضي الله تعالى عنه أن يسم النبل والرماح ونحوه لابن يونس ، فحمل المصنف الكراهة على الحرمة وقيدها بعضهم بما إذا لم يكن عند العدو نبل مسموم وإلا فيجوز حينئذ ، وكره سحنون جعل سم في قلال خمر ليشربها العدو وهي على بابها ولو كان في القتل بها مثلة وتعذيب لجوازها قبل القدرة عليهم بأي قتلة وحرمة المثلة الآتية خاصة بما بعد القدرة عليهم .

( و ) حرم علينا ( استعانة بمشرك ) أي كافر في الصف والزحف والسين والتاء . للطلب ، فإن خرج من تلقاء نفسه فلا يمنع على المعتمد . وقال أصبغ يمنع أشد المنع ، ودليل الأول غزو صفوان بن أمية مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا والطائف قبل إسلامه . عج وفيه شيء . عب لعل وجهه أن صفوان كان من المؤلفة قلوبهم ، فيحتمل أنه أجازه للتألف لا لخروجه من تلقاء نفسه . ويدل لأصبغ ظاهر خبر مسلم { ارجع فلن أستعين بمشرك قاله ليهودي خرج من غير طلب } . وأجاب غيره بأن النهي كان في وقت خاص وهو بدر بدليل غزو صفوان معه في حنين والطائف ، وتبع المصنف في تعبيره بمشرك الحديث ، وأراد به ما يشمل الكتابي بدليل تعبير المصطفى به لرد الكتابي فلا يقال عبارته تقتضي جوازها بكتابي مع منعها أيضا ( إلا لخدمة ) منه لنا كحفر أو هدم أو رمي بمنجنيق أو صنعة فلا تحرم الاستعانة به فيها . [ ص: 152 ]

( و ) حرم ( إرسال مصحف ) ولو طلبه الطاغية ليتدبره خشية إهانتهم ( له ) أو إصابة نجاسة ، وأراد به ما قابل الكتاب الذي فيه كآية بدليل ذكره بعد فلا يقال مفهوم مصحف أن ما دونه ولو الجل لا يحرم إرساله وهو يعارض مفهوم قوله الآتي فيما يجوز وبعث كتاب فيه كآية . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه إن طلبك كافر أن تعلمه قرآنا فلا تفعل ; لأنه نجس ، ولا يجوز تعليمه الفقه . وكره مالك رضي الله تعالى عنه إعطاءهم درهما فيه آية من القرآن ، واختلف إذا كان فيه اسم من أسماء الله تعالى انظر الحط .

( و ) حرم ( سفر به ) أي المصحف ( لأرضهم ) أي بلاد الكفار تنازع فيه إرسال وسفر ولو مع جيش كثير والظاهر أن كتب الحديث كالقرآن لاشتمالها على كثير منه . وشبه في الحرمة فقال ( ك ) سفر ب ( امرأة ) لأرضهم مسلمة حرة أو أمة أو كتابية زوجة لمسلم فيحرم ( إلا في جيش آمن ) بمد الهمز وكسر الميم فيجوز السفر بالمرأة خاصة ، ولذا فصل بالكاف ; لأنها تنبه على نفسها والمصحف قد يسقط ، ولا يشعر به ، وقد { كان صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه في سفر الغزو ; لأن جيشه آمن } .




الخدمات العلمية