الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 261 ] وصريح خطبة معتدة ومواعدتها كوليها كمستبرأة من زنا [ ص: 262 ] وتأبد تحريمها بوطء وإن بشبهة ولو بعدها وبمقدمته فيها [ ص: 263 ] أو بملك كعكسه لا بعقد أو بزنا أو بملك عن ملك .

التالي السابق


( و ) حرم ( صريح خطبة ) بكسر الخاء أي التماس نكاح مرأة ( معتدة ) من طلاق غيره ولو رجعيا أو موته لا من طلاقه هو إذ له تزوجها في عدتها منه حيث لم يكن بالثلاث والتصريح التنصيص والإفصاح .

( و ) حرم ( مواعدتها ) أي المعتدة بأن يعدها وتعده بالتزوج وشبه في التحريم فقال ( ك ) صريح خطبة ومواعدة ( وليها ) أي المعتدة المجبر ابن حبيب ، وكذا غيره وهو ظاهر المدونة عند أبي الحسن وابن عرفة ، لكن حكى ابن رشد الإجماع على أن مواعدة غير المجبر مكروهة وتبعه في التوضيح والشامل ، فيفيد مساواته لقول ابن حبيب ، بل أرجحيته عليه ويؤيده قول زروق ومواعدتها حرام ولو كانت مستبرأة من زنا ووليها المجبر مثلها وغيره تكره مواعدته على المشهور .

وشبه في الحرمة أيضا فقال ( ك ) خطبة ومواعدة ( مستبرأة من زنا ) ولو منه لأن المتخلق من مائه لا ينسب إليه فهو كغيره ، والأولى وإن من زنا ليشمل الغصب وغيره ولا يقال دخلت بالكاف لأنها للتشبيه لا تدخل شيئا ، وإنما المدخل كاف التمثيل نعم يقال إذا حرمت الخطبة والمواعدة في استبراء الزنا علمت حرمتهما في استبراء غيره بالأحرى ، لأن الاستبراء من الزنا أخفها صرح به في المقدمات فلا حاجة إلى التصويب . [ ص: 262 ]

( وتأبد ) بفتحات مثقلا ( تحريمها ) أي المعتدة من موت أو طلاق غيره بائنا ومثلها المستبرأة من غيره ( بوطء ) بنكاح بأن عقد عليها ووطئها فيها ، بل ( وإن بشبهة ) لنكاح بأن وطئها فيها بلا عقد لظنها زوجته ، وشمل كلامه ثمان صور لأن من وطئت بنكاح أو شبهته إما مستبرأة من زنا أو غصب غيره أو معتدة من نكاح أو شبهته ولا يدخل فيه المستبرأة من ملك أو شبهته لإتيانهما في قوله كعكسه . وقولنا من غيره لأنها لو كانت معتدة أو مستبرأة منه لم يتأبد تحريمها عليه بوطئه فيهما كما يأتي في قوله أو مبتوتة قبل زوج وإن كان يحرم عليه صريح خطبة المستبرأة .

وبالغ على تأييد الوطء بنكاح فقال ( ولو ) كان الوطء بنكاح ( بعدها ) أي العدة فهي راجعة لقوله بوطء بأن عقد عليها في العدة ثم وطئها بعدها مستندا لعقده عليها فيها ولا ترجع لقوله وإن بشبهة لأن وطأها بشبهة بعد فراغ عدتها بدون عقد لا يؤبد تحريمها عليه ولو صرح لها بخطبتها في عدتها ومن عقد على مطلقة طلاقا رجعيا من غيره ووطئها فلا يتأبد تحريمها عليه عند ابن القاسم ، ولذا قيدنا طلاق غيره بالبائن .

وقال غيره في المدونة يتأبد وهو ظاهر إطلاق قول المصنف وتأبد تحريمها إلخ ، وصدر تت بالثاني واقتصر أحمد على الأول ، والذي يظهر من كلام أبي الحسن ترجيح عدم التأبيد . وفي الشامل أنه الأصح لأن وطأها كوطء التي لم تطلق كما يفيده قولهم الرجعية زوجة إلا فيما استثني ، وليس هذا منه ، ولعل المصنف مال لقول ابن عبد السلام الأظهر في الرجعية التحريم والله أعلم .

( و ) تأبد ( بمقدمته ) أي الوطء ( فيها ) أي العدة من وفاة أو طلاق غيره البائن ، وكذا في استبرائها من زنا أو غصب أو ملك أو شبهته فيتأبد تحريمها في هذه الخمسة بالمقدمات المستندة لعقد نكاح دون المستندة لشبهته ، فمن قبل معتدة من غيره معتقدا أنها زوجته فلا يتأبد تحريمها عليه ويتأبد التحريم بالمقدمة المستندة للملك الواقعة في عدة نكاح أو شبهته من غيره دون المستندة لشبهة نكاح أو ملك . [ ص: 263 ] وعطف على المبالغ عليه فقال ( أو ) كان وطؤه ( بملك ) أو شبهته لمعتدة من نكاح غيره أو شبهته فيتأبد التحريم في هذه الأربع أيضا بالوطء وشبه في التأبيد فقال ( كعكسه ) أي وطئها بنكاح أو شبهته وهي مستبرأة من ملك أو شبهته يؤيد تحريمها في هذه الأربع أيضا ، فصور تأبيد التحريم بوطء ست عشرة صورة هذه الثمانية والثمانية المتقدمة في قوله وتأبد تحريمها بوطء وإن بشبهة ( لا ) يتأبد التحريم ( بعقد ) على معتدة من نكاح أو شبهته أو مستبرأة من ملك أو شبهته أو زنا أو غصب . ابن الحاجب فإن لم توطأ ففي التأبيد قولان . ابن عبد السلام الأظهر عدمه فاعتمده المصنف هنا ( أو ) بوطء ( بزنا ) أو غصب لمعتدة من نكاح أو شبهته أو مستبرأة من ملك أو شبهته أو من زنا غصب فلا يتأبد التحريم في هذه الاثنتي عشرة صورة .

( أو ) وطء ( بملك ) أو شبهته في استبراء ( عن ملك ) أو شبهته أو عن زنا أو غصب ، فهذه ثمان تضاف للاثنتي عشرة فتتم عشرون صورة لا تأبيد فيها للتحريم بالوطء ، فالصور ست وثلاثون صورة من ضرب ست في مثلها وهي المعتدة من نكاح أو شبهته أو المستبرأة من ملك أو شبهته أو من زنا أو غصب ، وكلها مستفادة من كلام المصنف على ما قررنا من قياس الغصب على الزنا أو شموله له وشبهة الملك عليه وصور المقدمات والعقد زائدة عليها .




الخدمات العلمية