الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لا إن رد سيد شراء من لم يأذن لها [ ص: 348 ] أو قصدا بالبيع الفسخ : كهبتها للعبد لينتزعها [ ص: 349 ] فأخذ جبر العبد على الهبة ، وملك أب جارية ابنه بتلذذه بالقيمة .

التالي السابق


( لا ) ينفسخ النكاح ( إن ) اشترت أمة زوجها بلا إذن سيدها ( رد سيد ) للأمة ( شراء من ) أي أمة زوجها ( لم يأذن ) السيد ( لها ) أي الأمة فيه لأن شراءها على هذا [ ص: 348 ] الوجه كلا شراء ، ومفهوم لم يأذن أن المأذون لها في شرائه ولو في عموم الإذن في التجارة أو في ضمن الكتابة يفسخ فيه النكاح .

( أو ) أي لا يفسخ النكاح بشراء الأمة زوجها من سيده إن ( قصدا ) أي السيد والزوجة الأمة أو الحرة التي اشترت زوجها من سيده ( بالبيع ) أي بيع زوجها لها ( الفسخ ) لنكاح الزوج فلا ينفسخ معاملة لهما بنقيض قصدهما . واحترز عن قصد السيد وحده ذلك فيوجب الفسخ على بحث ابن عبد السلام ، قال نعم لو تعمدت هي ذلك دون سيدها البائع لكان له أي عدم الفسخ وجه كما لو ارتدت قاصدة بذلك فسخ النكاح فلا يفسخ وتستتاب ، ففي مفهوم قصدا تفصيل ، فقصد السيد وحده يوجب الفسخ ، وقصدها وحدها لا يوجبه ، ونازعه الحط بقوله هذا الذي قاله فيما إذا قصدت وحدها ظاهر . وأما قوله إذا قصد السيد وحده فلا معنى له فغير ظاهر ، بل الحق قول ابن عرفة فيه نظر . والظاهر أنه لا يفسخ كما في الهبة الآتية ، وعلى هذا فيقرأ قوله قصد بلا ألف بالبناء للمفعول ليعم كل قصد فتأمله والله أعلم .

طفي وقد يقال الصواب ما قاله ابن عبد السلام ولا دليل في مسألة الهبة لأنها غير طائعة فيها فلم يلتفت لقصدها بخلاف مسألة البيع . البناني فيه نظر ، بل الصواب ما في الحط أن مسألة ابن عبد السلام ومسألة الهبة كل منهما ليس فيه إلا قصد السيد وحده ، فلا فرق بينهما . وعبارة ابن الحاجب فإن قصدا فسخ نكاحها بالبيع فلا يفسخ . ابن عبد السلام ينبغي إن تعمدا بألف التثنية على أنه فاعل كما نص عليه سحنون بقوله إلا أن يرى أنها وسيدها اغتريا فسخ النكاح ، فلا يجوز ذلك ، وبقيت زوجة ، والواقع فيما رأيته من نسخ هذا الكتاب بدون ألف ولا معنى له ، نعم لو تعمدت هي ذلك دون السيد البائع لكان له وجه كما لو ارتدت قاصدة بها فسخ النكاح فلا يفسخ وتستتاب ا هـ . وشبه في عدم الفسخ فقال ( كهبتها ) أي الزوجة المملوكة للسيد من إضافة المصدر لمفعوله أي وهبها سيدها ( ل ) زوجها ( العبد ) المملوك له أيضا ( لينتزعها ) أي السيد [ ص: 349 ] الأمة من زوجها العبد ، أي قصد بالهبة فسخ النكاح ليتوصل به إلى انتزاعها منه ولم يقبل العبد الهبة ، بل ردها فإنها ترد ولا تتم كرد البيع ، ولا يفسخ النكاح لقصد السيد الإضرار ، فلو قبل العبد الهبة لفسخ نكاحه ولو أراده السيد بها ، وإنما تفترق إرادة السيد وعدمها إذا لم يقبل العبد الهبة .

وبه يتم قوله : ( فأخذ ) بضم الهمز وكسر الخاء المعجمة من التفرقة المذكورة ( جبر العبد على قبول الهبة ) من السيد فالأخذ من مفهوم لينتزعها أي فإن لم يقصد السيد بالهبة انتزاعها منه فسخ النكاح ولو لم يقبل العبد الهبة فيؤخذ من هذا جبره على قبولها . ابن عرفة عبد الحق بعض شيوخنا إن قبل العبد هبتها فسخ نكاحه ولو اغتراه سيده ولا حجة له إن قال لم أظنه أنه اغتراه ، إنما يفترق اغتراؤه وعدمه إذا لم يقبل العبد الهبة ( وملك أب ) أي أصل ذكر وإن عبد أو هي جناية في رقبته فيخير سيده في إسلامه وفدائه ، ويحتمل تعلقها بذمته فيتبع بها إن أعتق ، ومفعول ملك قوله ( جارية ابنه ) أي فرعه وإن لبنت وخص الابن لقوله وحرمت عليهما إن وطئاها لا لإخراج البنت ( ب ) سبب ( تلذذه ) أي الأب بها بوطء أو مقدمته ( ب ) عوض ( القيمة ) معتبرة يوم التلذذ يدفعها الأب لابنه ولو لم تحمل ، ويتبعه بها إن عدم ، وتباع فيها إن لم تحمل ، وعليه النقص ، وله الزيادة ، وللابن التماسك بها للخدمة أو التجر في عدم الأب . وقيل ولو في يسره إن أمن ، فإن حملت فلا تباع وتبقى أم ولد للأب ويستبرئها من مائه الأول إن لم يستبرئها قبله ، وإلا فلا كما سيأتي عطفا على ما لا استبراء فيه .




الخدمات العلمية