الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأنكحتهم فاسدة ، وعلى الأمة والمجوسية [ ص: 363 ] إن عتقت وأسلمت ولم يبعد : كالشهر وهل إن غفل أو مطلقا ؟ تأويلان . [ ص: 364 ]

ولا نفقة أو أسلمت ثم أسلم في عدتها ، ولو طلقها . ولا نفقة على المختار والأحسن .

التالي السابق


( وأنكحتهم ) أي الكفار ( فاسدة ) ظاهره ولو استوفت شروط صحة النكاح ، وهو الذي في التوضيح تبعا لابن رشد فيما فهمه من قول ابن شاس وابن الحاجب . المشهور أن أنكحتهم فاسدة ، والذي أفاده عبد الوهاب وابن يونس واللخمي وأبو الحسن وابن فتوح وغيرهم الاتفاق على التفصيل ، وتحمل على الفساد عند الجهل لأنه الغالب فغير المستوفى الشروط فاسد اتفاقا ، ومستوفيها في فساده وعدمه طريقتان .

وفائدة الحكم بفسادها وإن كنا لا نفسخها ونقرهم عليها إن أسلموا منع توليها المسلم وحضورها وشهادته عليها . وذكر ابن عرفة اختلاف فتوى شيوخه في جواز شهادة المتنصبين للشهادة بين الناس لليهود على أنكحتهم بولي ومهر شرعي ومنعها ، وألف كل منهم على الآخر . والصواب ترجيح ابن عبد السلام منعها وفرض الخلاف في المتنصبين وارد على سؤال وإلا فغيرهم كذلك ، وعلى صحتها ، فهل لهم ذلك والذهاب معهم إلى ديارهم . البرزلي الصواب منعه لأنه أعز للإسلام إلا ليد سلفت أو ضرورة .

( و ) قرر الذي أسلم وهو متزوج أمة كتابية أو مجوسية أو حرة مجوسية [ ص: 363 ] إن عتقت ) الأمة الكتابية ( وأسلمت ) المجوسية حرة كانت أو أمة وإن لم توجد شروط نكاح الأمة لأن الدوام ليس كالابتداء ، ومثل إسلام الحرة تهودها أو تنصرها . ابن عرفة ابن محرز لو سبيت بعد قدومه وإسلامه وأسلمت ولم تعتق احتمل فسخ نكاحها لأن شرط عدم فسخ نكاح الأمة عدم الطول وخوف العنت والأرجح عدم فسخه كمتزوج أمة بشرطه ثم وجد طولا لا يفسخ نكاحه ( ولم يبعد ) عتقها أو إسلامها من إسلامه ، ومثل لنفي البعد فقال ( كالشهر ) فهو مثال القرب على المعتمد ، فكأنه قال وقرب كالشهر .

( وهل ) إقراره عليها بشرطه ( إن غفل ) بضم الغين المعجمة عن إيقافها هذه المدة ، فلم توقف حتى أسلمت بانشراح صدرها له ، فإن وقفت وقت إسلامه وطلب منها الإسلام فأبته ثم أسلمت بعده بكشهر فلا يقر عليها ( أو يقر ) عليها إن أسلمت بعده بكشهر ( مطلقا ) عن التقييد بالغفلة عنها فيه ( تأويلان ) هذا ظاهره ، وبه قرره عج وهو الصواب . ففي التهذيب وإن أسلم ذمي أو مجوسي وتحته مجوسية عرض عليها الإسلام ، فإن أبته وقعت الفرقة بينهما ، وإن أسلمت تعينت زوجة ما لم يبعدها ما بين إسلامهما ولم يحد البعد بحد وأرى الشهر وأكثر منه قليلا . أبو الحسن قوله وقعت الفرقة بينهما ظاهره أنها لا تؤخر . ابن يونس روى أبو زيد عن ابن القاسم أنه يعرض عليها الإسلام اليومين والثلاثة ، ومثله في كتاب محمد ، وقوله ولم يحد البعد بحد إلخ . ابن يونس وفي بعض الروايات الشهرين . ابن اللباد إذا غفل عنها وحملها ابن أبي زمنين على ظاهرها قائلا المعروف إذا وقفت إلى شهر أو بعده فأسلمت أنها امرأته . عياض ظاهره أنها توقف خلاف ما تأوله القرويون ، فقول ابن القاسم وفاق لقول مالك ا هـ . كلام أبي الحسن وعلى تأويل ابن أبي زمنين أنها زوجة إن أسلمت بعده بشهر ولو عرض عليها الإسلام قبل وأبته فقول ابن القاسم خلاف . [ ص: 364 ]

( ولا نفقة ) لها على الزوج فيما بين إسلاميهما لأن المانع منها بتأخيرها الإسلام إذا لم تكن حاملا وإلا فلها نفقة الحمل ( أو أسلمت ) الزوجة المدخول بها أولا ( ثم أسلم ) زوجها ( في ) زمن ( عدتها ) أي استبرائها من مائه فيقر عليها ، فإن أسلم بعد تمام عدتها بانت منه فلا يقر عليها ، وأفاد قوله في عدتها أنها مدخول بها ويأتي مفهومه وإن أسلم في عدتها أقر عليها غائبا كان أو حاضرا ولا يفيتها دخول غيره بها على المشهور كما في الشامل لأنها ذات زوج إلا إذا حضر عقد غيره عليها وسكت فتفوت عليه بمجرده ، أفاده في المدونة ، ويقر عليها إن أسلم في عدتها إن لم يطلقها حال كفره .

بل ( ولو طلقها ) بعد إسلامها أو قبله ولم يفارقها إذ هو لغو لفساد أنكحتهم ، فلو أسلم بعد عدتها عقد عليها بعصمة كاملة أفاده في المدونة ( ولا نفقة ) للتي أسلمت قبل زوجها ثم أسلم في عدتها في أحد قولي ابن القاسم لأنها التي منعته من نفسها بإسلامها واختاره اللخمي وابن أبي زمنين ، ولذا قال ( على المختار والأحسن ) وقال ابن القاسم أيضا لها النفقة ، وبه أفتى أصبغ لأنه أحق بها ما دامت في عدتها . وإن كانت حاملا فهي لها اتفاقا في التوضيح القولان في النفقة سواء أسلم الزوج أو لم يسلم .




الخدمات العلمية