الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقبل البناء بانت مكانها أو أسلما ، [ ص: 365 ] إلا المحرم ، وقبل انقضاء العدة والأجل وتماديا له ، ولو طلقها ثلاثا وعقد إن أبانها بلا محلل ، [ ص: 366 ] وفسخ لإسلام أحدهما بلا طلاق ، لا ردته فبائنة

التالي السابق


( و ) إن أسلمت الزوجة الكافرة ( قبل البناء ) من الكافر ( بانت ) الزوجة من زوجها ( مكانها ) ابن يونس وابن الحاجب اتفاقا ، وظاهرهما قرب إسلامه أو بعد . اللخمي وابن بشير إن قرب إسلامه ففيه قولان على أن ما قارب الشيء يعطى حكمه أو لا . ضيح وعلى هذا فالاتفاق في البعد والراجح في القرب البينونة لحكاية الاتفاق عليها وإن لم تسلم وهذا هو الظاهر من نقل ابن عرفة ( أو أسلما ) أي الزوجان الكافران معا قبل البناء أو بعده فيقران على نكاحهما ، وكذا إن أسلما متعاقبين واطلعنا على إسلامهما في وقت واحد لأنه وقت ثبوت إسلامهما عندنا ، فلا عبرة بالتعاقب قبله . [ ص: 365 ]

واستثنى من المسائل الثلاث فقال ( إلا المحرم ) بفتح الميم والراء لزوجها الكافر من نسب أو رضاع أو صهر فلا يقر على نكاحها فيها ( و ) إلا إن تزوجها في عدتها من زوج غيره وأسلما معا أو أحدهما ( قبل انقضاء العدة ) قبل البناء أو بعده فلا يقر عليها ، وإن وطئها فيها بعد الإسلام تأبد تحريمها . ابن عرفة فيها لو أسلم في العدة فارقها وعليها ثلاث حيض إن كان مسها . ا هـ . وكذا لو أسلمت دونه ووطؤه إياها في عدتها في كفره لغو وبعد إسلامه يحرمها ، وكذا إسلامها . ومفهوم قبل انقضاء العدة أنهما إن أسلما أو أحدهما بعده يقران عليه وهو كذلك . ابن عرفة سمع يحيى بن القاسم لو أسلما على نكاح عقداه في العدة فلا يفرق بينهما . ابن رشد يريد أسلما بعدها ولو وطئ فيها ( و ) إلا إن تزوجها إلى أجل وأسلما معا أو أحدهما قبل انقضاء ( الأجل وتماديا ) أي الزوجان على الزوجية ( له ) أي الأجل فلا يقران على نكاحهما . البناني حاصل ما ذكره ابن رحال أنهما إذا تزوجا لأجل ثم أسلما فلا يقران على نكاحهما إلا إذا قالا في حال كفرهما نتمادى على النكاح أبدا ، سواء أسلما قبل انقضاء الأجل أو بعده وإذا أسلما بعده فسواء قالا ذلك قبل الأجل أو بعده وقبل الإسلام ، وإذا قالا ذلك بعد الإسلام فذلك لا يفيدهما لأنهما إن أسلما قبل الأجل فقد قارن المفسد الإسلام فيتعين الفسخ ، وإن أسلما بعد الأجل فلا نكاح بينهما يقران عليه وهما لا يقران إلا على ما يعتقدان أنه نكاح فاسدا كان أو لا .

وبالغ على إقرارهما على النكاح في الصور الثلاث فقال ( ولو ) كان ( طلقها ) وهو كافر ( ثلاثا ) ثم أسلم ثم أسلمت بعده بالقرب أو أسلمت ثم أسلم في عدتها أو أسلما معا حقيقة أو حكما بأن جاءا مسلمين وأعاد المبالغة لقوله ثلاثا ، ولقوله ( وعقد ) أي الزوج النكاح بعد إسلامه على مطلقته ثلاثا ( إن ) كان ( أبانها ) أي فارقها وأخرجها من حوزه ( بلا ) شرط ( محلل ) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر اللام أي زوج غيره للغو [ ص: 366 ] طلاقه ثلاثا لكفره ، وأشار ب ولو لقول المغيرة باشتراط المحلل ولزم العقد لإبانتها واعتقاده قطعها النكاح ، ولذا لو أبانها بلا طلاق وهو كافر ثم أسلم فإنه يعقد عليها ، ومفهوم إن أبانها أنه إن طلقها ثلاثا ولم يبنها فإنه يقر عليها بلا عقد في الأقسام الثلاثة ، وهو كذلك كما تقدم .

( وفسخ ) بضم فكسر النكاح ( لإسلام أحدهما ) أي الزوجين الكافرين في غير ما تقدم بأن أسلم واستمرت على كفرها مجوسية مطلقا أو أمة كتابية لم تعتق أو أسلمت أو أعتقت بعده ببعد أو أسلمت ثم أسلم بعد تمام عدتها فيفسخ ( بلا طلاق ) على المشهور لفساد أنكحتهم ، وفي سماع عيسى بطلاق للخلاف في أنكحتهم .

وأخرج من قوله بلا طلاق فقال ( لا ردته ) أي أحد الزوجين عن دين الإسلام بعد تقرره له ( ف ) هي طلقة ( بائنة ) هذا هو المشهور . وقال ابن أبي أويس وابن الماجشون فسخ بلا طلاق . وقال المخزومي طلاق رجعي وعلى الأولين فليس له رجعتها إن تاب في عدتها ، وعلى الثالث له رجعتها فيها ولا شيء لها من الصداق إن ارتد أحدهما قبل البناء على الثاني ، وهل كذا على الأول ، والثالث وهو المنصوص أبو الحسن وجهه أنه مغلوب على طلاقها ولا يلزم من وجود الطلاق وجود نصف الصداق بدليل أنه إن ردها بموجب خياره فلا شيء عليه مع ملكه الإقامة فكيف مع جبره على الفراق .

الجلاب لو ارتدت لسقط صداقها وكذا إن ارتد الزوج ويتخرج فيها قول بأن لها نصفه . وفرق على المشهور بين إسلام أحد الزوجين وبين ردته بأنها طرأت على نكاح صحيح فكانت طلاقا ، والإسلام طرأ على فاسد فكان فسخا ، وبأن المسلم من أهل الطلاق والكافر ليس من أهله . وشرط كون ردتها طلاقا عدم قصدها فسخ النكاح بها وإلا فلا ينفسخ ، اقتصر على هذا تت عند قوله أو قصد بالبيع الفسخ والحط هنا والشامل إذ قال في الردة لو قصدت بردتها فسخ نكاحها فلا ينفسخ وعليه اقتصر القلشاني قائلا أقامه الأشياخ من المدونة ابن يونس فيما تسقطه الردة استحب فيمن وجب عليه حد [ ص: 367 ] أنه إن علم منه أنه ارتد لإسقاطه فإنه لا يسقط عنه ، وإن ارتد لغير ذلك سقط .

وروى علي بن زياد عن مالك إن ارتدت الزوجة تريد فسخ نكاحها فلا تكون طلاقا وتبقى على عصمته . ابن يونس وبه أخذ بعض شيوخنا قال كاشترائها زوجها تبتغي فسخ نكاحها ، ولما توقف فيها ابن زرب قال له بعض من حضر نزلت ببجاية فأفتى فيها بأن ارتدادها لا يكون طلاقا . وفرق بين هذه ومن فعلت المعلق عليه لتحنيثه بأن التعليق من الزوج بخلاف ردتها لذلك ، وذكر السعد في شرح العقائد كفر من يفتي امرأة بالكفر لتبين من زوجها ، وهو معلوم بالأولى من قول القرافي بكفر خطيب طلب كافر الإسلام عليه فأمره بالصبر إلى فراغ خطبته . وقال ابن رشد والقلشاني لا يكفر الخطيب ، وعلى هذا فهل لا يكفر المفتي أو يكفر لأن الرضا بكفر المسلم الأصلي أشد من الرضا ببقاء الكافر الأصلي على كفره إلى فراغ الخطبة ، وبالغ على أن ردة الزوج طلاق بائن فقال إن ارتد لغير دين زوجته .




الخدمات العلمية