الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 465 ] وردت زائدا لمثل إن وطئ ، ولزم إن صح لا إن أبرأت [ ص: 466 ] قبل الفرض ، أو أسقطت شرطا قبل وجوبه

التالي السابق


( و ) إن عقد في صحته تفويضا على حرة ولو كتابية أو على أمة مسلمة ، وفرض لكل أزيد من مهر مثلها في مرضه ( ردت زائدا لمثل ) فقط لزوما إلا أن يجيزه باقي الورثة ( إن وطئ ) ومات ولها مهر مثلها من رأس ماله ، ودل قوله زائدا لمثل على أن لها الأقل منه ومن المسمى لأنها إذا ردت من المسمى ما زاد على مهر المثل فأولى أنها لا تستحق زائد مهر المثل على المسمى ، وكون لها أقلهما من رأس المال لا يخالف ما مر في نكاح المريض من أنه من الثلث لأن العقد هنا في الصحة وإن مات من عقد في صحته بعد وطئه ولم يسم فلها مهر مثلها من رأس ماله .

( ولزم ) الزائد على مهر المثل ( إن صح ) من مرضه الذي سمى فيه صحة بينة ثم مات ولو بعد موتها على الراجح ، فيستحقه وارثها ( لا ) يلزم الرشيدة إبراؤها الزوج من الصداق في نكاح التفويض ( إن أبرأت ) الرشيدة زوجها من جميع صداقها أو بعضه ( قبل الفرض ) ثم فرض لها لأنها أسقطت حقا قبل وجوبه وأشعر كلامه بأنه قبل [ ص: 466 ] البناء لأنه بعده ليس إبراء قبل الفرض إذ بالبناء وجب لها مهر مثلها ( أو أسقطت ) الرشيدة عن زوجها ( شرطا ) شرطه لها في عقد النكاح لها إسقاطه كأن تزوج أو تسرى عليها أو أخرجها من بلدها أو بيتها فأمرها بيدها فأسقطته ( قبل وجوبه ) لها بتزوجه أو تسريه عليها أو إخراجها وبعد وجود سببه وهو عقده عليها ، فلا يلزمها إسقاط .

فإن تزوج أو تسرى عليها أو أخرجها فأمرها بيدها وهذا مخالف لما يأتي في الرجعة من لزومه لها في قوله ولا إن قال من يغيب إن دخلت فقد ارتجعتها كاختيار الأمة نفسها أو زوجها بتقدير عتقها ، بخلاف ذات الشرط تقول إن فعله زوجي فقد فارقته ، وفي المفقود في قوله والمطلقة لعدم النفقة ثم ظهر إسقاطها .

ابن غازي أما التي أبرأت قبل الفرض ، فقال ابن الحاجب فيها يخرج على الإبراء مما جرى سبب وجوبه دونه . قال في التوضيح اختلف هل يلزم نظر التقدم سبب الوجوب وهو هنا العقد أم لا لأنها أسقطت حقا قبل وجوبه كالشفيع يسقط الشفعة قبل الشراء ، فيه قولان وكالمرأة تسقط نفقة المستقبل عن زوجها هل يلزمها لأن سبب وجوبها قد وجد أو لا يلزمها لأنها لم تجب بعد قولان حكاهما ابن راشد وكعفو المجروح عما يئول إليه الجرح وكإجازة الورثة الوصية لوارث أو بأكثر من الثلث لغيره في مرض الموت ، وأمثلة هذا كثيرة . أما إن لم يجر سبب الوجوب فلا يعتبر اتفاقا ، حكاه القرافي .

وأما التي أسقطت فرضا قبل وجوبه فلعله أشار بها لمسقطة النفقة المتقدم ذكرها ، وفي بعض النسخ أو أسقطت شرطا قبل وجوبه ، ولا شك أنه من النظائر المنخرطة في هذا السلك ، وقد عده القاضي ابن عبد السلام منها ، ولكن المشهور في ذات الشرط أن إسقاطها إياه قبل وجوبه يلزمها ، وبهذا قطع المصنف في الرجعة إذ قال ولا إن قال من يغيب إن دخلت فقد ارتجعتها كاختيار الأمة نفسها أو زوجها بتقدير عتقها ، بخلاف ذات الشرط تقول إن فعله زوجي فقد فارقته ، وبسبب السؤال عن الفرق بين هاتين المسألتين [ ص: 467 ] قال مالك لابن الماجشون رضي الله تعالى عنهما أتعرف دار قدامة ، وقد صرح ابن عبد السلام بأن بعض نظائر هذا الأصل أقوى من بعض .




الخدمات العلمية