الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وندب بدء بإزالة الأذى ، ثم أعضاء وضوئه كاملة [ ص: 129 ] مرة وأعلاه وميامينه ، [ ص: 130 ] وتثليث رأسه ، وقلة الماء بلا حد ، كغسل فرج جنب لعوده لجماع ووضوئه لنوم ، لا تيمم . [ ص: 131 ] ولم يبطل إلا بجماع .

التالي السابق


( وندب بدء ) بعد غسل يديه لكوعيه ( بإزالة الأذى ) أي النجاسة عن بدنه إن كانت فيه بفرج أو غيره منيا كانت أو غيره وينوي عند غسل قبله أداء الفرض أو رفع الحدث الأكبر أو استباحة ممنوعة فيكفيه عن غسله بعد ذلك فلا ينتقض وضوءه فإن لم ينو ذلك عنده فيجب غسله بعد بالنية فإن كان توضأ ودلك ببطن أو جنب كفه أو أصابعه انتقض وضوءه .

( ثم ) يتبع ذلك بغسل ( أعضاء وضوئه ) إلا غسل يديه لكوعيه فلا يعيده لفعله أولا الرماصي لا مساعد لقول الشيخ أحمد يعيد غسلهما في وضوئه إلا قولهم يتوضأ وضوءه للصلاة وهذا محمول على غير غسل يديه لكوعيه لتقدمه ولا يقال إن مس ذكره قد نقضه لأنه في الحقيقة من سنن الغسل فلا ينقضه مس ذكره حال كون أعضاء وضوئه ( كاملة ) فلا يؤخر غسل رجليه إلى آخر غسله وهو خلاف الأولى البناني هذا خلاف الراجح والراجح ندب تأخير غسلهما المجيء الصريح به في حديث ميمونة " رضي الله عنها " وإن وقع في بعض الروايات الإطلاق فالمطلق يحمل على المقيد ا هـ . [ ص: 129 ]

وقيل إن كان الغسل واجبا فالأولى التأخير وإن كان سنة أو مندوبا فالأولى التقديم لموالاة الوضوء وقيل إن كان المحل نظيفا فالأولى التقديم وإلا فالأولى التأخير ويغسل أعضاء وضوئه كل عضو ( مرة ) فلا يشفع ولا يثلث عياض عن بعض شيوخه لا فضيلة في تكراره بل هو مكروه واقتصر عليه في توضيحه أيضا الرماصي يرد عليه ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري أنه قد ورد من طرق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة عن عائشة " رضي الله عنها " زوج النبي صلى الله عليه وسلم { أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثم أفاض الماء على رأسه ثلاثا } ا هـ . وفي الجزولي إن التكرار هو الذي عول عليه أبو محمد صالح واعتمده وينوي بغسل أعضاء وضوئه أداء الفرض أو رفع الحدث الأكبر أو استباحة ممنوعه ( و ) ندب بدء ب ( أعلاه ) أي المغتسل بيمينه وشماله قبل أسفله كذلك ( و ) ندب بدء ب ( ميامنه ) أي الأعلى قبل مياسره وبميامن الأسفل قبل مياسره الحطاب ظواهر النصوص تفيد أن الأعلى بميامنه ومياسره يقدم على الأسفل كذلك لا أن الأيمن بأعلاه وأسفله يقدم على اليسار وكذلك بل هذا صريح كلام ابن جماعة ابن عاشر ازدحم الأعلى والأيمن في التقديم فتعارض فيه أعلى الجانب الأيسر ، وأسفل الجانب الأيمن والذي نص عليه بعضهم تقديم الأعلى مطلقا مع تقديم يمناه ثم الأسفل كذلك فيغسل أعلى الشق الأيمن للركبة ظهرا أو بطنا وجنبا ثم أعلى الشق الأيسر كذلك ثم أسفل الشق الأيمن ثم أسفل الشق الأيسر . واعتمد هذه الطريقة الشيخ محمد الصغير وتلميذه العدوي والذي اختاره الشيخ أحمد الزرقاني ومن تبعه أن المندوب تقديم الجانب اليمين أعلاه وأسفله على الجانب اليسار كذلك ونزلوا على هذا كلام المصنف يجعل ضمير أعلاه للجانب وضمير ميامنه للمغتسل قالوا : ولا يلزم عليه تقديم الأسفل على الأعلى لأن الجانب اليمين كله كعضو واحد واليسار كذلك وإلا ورد أن يقال لم قلتم بالانتهاء للركبة ولم تقولوا ينتهي لفخذه ثم من منكب الأيسر إلى [ ص: 130 ] فخذه ثم من فخذ اليمين إلى ركبته ثم من فخذ الأيسر كذلك ثم من ركبة الأيمن إلى كعبه ثم من ركبة الأيسر كذلك .

( و ) ندب ( تثليث ) مصدر ثلث بفتحات مثقل اللام مضاف لمفعوله ( رأسه ) أي المغتسل بثلاث غرفات يعمه بكل غرفة هذا هو المشهور وقيل : غرفة ليمينه وغرفة لوسطه وغرفة ليساره .

( و ) ندب ( قلة ) أي تقليل ( ماء ) منقول لغسل عضو ( بلا حد ) أي تحديد للقليل بصاع أو أقل أو أكثر لاختلاف الأجسام والأحوال فكل إنسان يقلل بحسب جسمه ، وحاله مع الأحكام وشبه في الندب ، فقال ( كغسل فرج جنب ) جامع ولم يغتسل فيندب غسله ( لعوده لجماع ) التي جامعها أو غيرها لتقوية العضو ، وقيل : يجب لجماع غير الأولى لئلا يدخل في الثانية نجاسة الأولى ورد بأن غاية ما يلزم على ترك الغسل التلطخ بالنجاسة والراجح كراهته ولو لغيره مع رضاه قلت : المكروه تلطيخ الظاهر لإمكان تطهيره وتلطيخ الباطن ممنوع لعدم إمكان ، تطهيره وهذا منه وهذا يقتضي وجوب غسله إذا أراد جماع الأولى فلعل الفرع مشهور مبني على ضعيف أن رطوبة الفرج والمني طاهران ، والله أعلم .

( و ) ك ( وضوئه ) أي الجنب ذكرا كان أو أنثى ( لنوم ) أي عنده لينام طاهرا وقيل : لينشط للغسل في ليل أو نهار كغير الجنب إن أراد النوم وهو محدث ( لا ) يندب للجنب الذي أراد النوم ولم يجد ماء للوضوء أو عجز عن استعماله أن يأتي ب ( تيمم ) بناء على أن الوضوء للنشاط للغسل ويتيمم على أنه لينام على طهارة .

ابن بشير لا خلاف أن الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم وهل الأمر به إيجاب أو ندب في المذهب قولان وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم { أنه أمر الجنب بالوضوء } واختلف في علته فقيل لينشط للغسل وعلى هذا فلو فقد الماء الكافي فلا يؤمر بالتيمم وقيل ليبيت على طهارة لأن النوم موت أصغر فشرعت فيه الطهارة الصغرى كما شرع في الموت الأكبر الطهارة الكبرى فعلى هذا إن فقد الماء يتيمم ومثله [ ص: 131 ] للخمي وابن شاس ونص ابن الحاجب وفي ، تيمم العاجز قولان بناء على أنه للنشاط أو لتحصيل الطهارة .

( ولم يبطل ) أي لا ينتقض وضوء الجنب للنوم بشيء من نواقض الوضوء بحيث يطلب بوضوء آخر للنوم ( إلا بجماع ) حقيقة أو حكما كخروج مني بلذة معتادة بغير جماع وأما وضوء غير الجنب للنوم فقال ابن عمر : إن نام الرجل على طهارة وضاجع زوجته وباشرها بجسده فلا ينتقض وضوءه . إلا إذا قصد بذلك اللذة ، وقال عياض ينقضه الحدث الواقع قبل الاضطجاع لا بعده ورجح الأول .




الخدمات العلمية